أخبار الحسين بن علي ونسبه
  وقال هارون بن أبي عبيد اللَّه، حدّثني ضمرة بن ضمرة، قال:
  أجلست سكينة شيخا فارسيا على سلَّة بيض، وبعثت إلى سليمان بن يسار، كأنها تريد أن تسأله عن شيء.
  فجاءها إكراما لها، فأمرت من أخرج إليه ذلك الشيخ جالسا على السّلَّة فيها البيض. فولَّى يسبّح.
  / قال: وبعثت سكينة إلى صاحب الشرطة بالمدينة: أنه دخل علينا شاميّ، فابعث إلينا بالشّرط. فركب ومعه(٩) الشرط. فلما أتى إلى الباب، أمرت ففتح له، وأمرت جارية من جواريها فأخرجت إليه برغوثا. فقال: ما هذا؟ قالت: هذا الشاميّ الذي شكوناه. فانصرفوا يضحكون.
  مثال من طمع ابن أشعب
  أخبرني محمد بن جعفر النحوي قال: حدّثنا أحمد بن القاسم قال: حدّثنا أبو هفّان قال: حدّثنا سيف(٢) بن إبراهيم صاحب بن المهدي قال: حدّثني إبراهيم بن المهدي:
  أن الرشيد لما ولاه دمشق استوهبه صحبة دبية والغاضريّ وعبيدة بن [...](٣) وحكم والوادي. فوهبهم له، فأشخصهم معه.
  قال: فكان فيما حدثني به عبيدة قال: قال إبراهيم:
  ركبت حمارة وهو عديلي، ونمت على ظهرها. فلما بلغنا ثنية العقاب، اشتد عليّ البرد، فاحتجت إلى الزيادة من الدّثار. فدعوت بدوّاج سمّور، فألقيته على ظهري، ودعوت بمن كان معي في سمري في تلك الليلة، وكانوا حولي. فقلت لابن أشعب: حدّثني بأعجب ما تعلم من طمع أبيك. فقال: أعجب من طمع أبي طمع ابنه. فقلت:
  وما بلغ من طمعك؟ فقال: دعوت آنفا لما اشتد عليك البرد بدوّاج سمّور، لتستدفئ به، فلم أشكّ أنك دعوت به لتجعله عليّ. فغلبني الضحك، وخلعت عليه الدّواج. ثم قلت له: ما أحسب لك قرابة بالمدينة. فقال: اللهم غفرا، لي بالمدينة قرابات وأي قرابات. قلت: أيكونون عشرة؟ قال: وما عشرة؟ قلت: فعشرين؟ قال: اللهم غفرا، لا تذكر العشرات ولا المئين، / وتجاوز ذكر الألوف إلى ما هو أكثر منها. قلت: ويحك! ليس بينك وبين أشعب أحد، فكيف يكون هذا؟ فقال:
  إن زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان تزوّج سكينة بنت الحسين. فخف أبي على قلبها، فأحسنت إليه، وكانت عطاياها خلاف عطايا مولاه. فمال إليها بكليته.
  قال: وحج سليمان بن عبد الملك وهو خليفة، فاستأذن زيد بن عمرو سكينة، وأعلمها أنها أول سنة حج فيها الخليفة، وأنه لا يمكنه التخلَّف عن الحج معه. وكانت لزيد ضيعة يقال له العرج، وكان له فيها جوار. فأعلمته أنها لا تأذن له إلا أن يخرج أشعب معه، فيكون عينا لها عليه، ومانعا له من العدول إلى العرج، ومن اتخاذ جارية لنفسه في بدأته ورجعته. فقنع بذلك، وأخرج أشعب معه. وكان له فرس كثير الأوضاح، حسن المنظر، يصونه عن
تبكي، فقالت لها: مالك؟ فقالت: مرت بي دبيرة، فلسعتني بأبيرة. وهي تصغير الدبرة: النحلة. ولم يذكرا الفقرة الثالثة:
«فأوجعتني قطيرة». وفي «التاج»: القطرة بالضم: الشيء التافه اليسير الخسيس. تقول: أعطني منه قطرة وقطيرة. والأخيرة: تصغير قطرة.
(١) كذا في مب. وفي سائر الأصول: فركب معه.
(٢) كذا في ف، مب. وفي سائر الأصول: يوسف.
(٣) غير واضح في الأصل.