أخبار الحسين بن علي ونسبه
  المدينة، فلما وافاها سألته سكينة عن خبره. فقال لها: يا بنت رسول اللَّه، وما سؤالك إياي ولم يزل ثقتك(١) معي، وهو أمين عليّ، فسليه عن خبري يصدقك عنه. فسألتني، فأخبرتها / أني لم أنكر عليه شيئا، ولم أمكنه من ابتياع جارية، ولم أطلق له الاجتياز بالعرج. فاستحلفتني على ذلك، فلما حلفت لها بالأيمان المحرجة فيها طلاق أمّك، وثب فوقف بين يديها، وقال: أي ابنة عم، ويا بنت رسول اللَّه، كذبك واللَّه العلج، ولقد(٢) أخذ مني أربعمائة دينار، على أن أذن لي في المصير إلى العرج(٢)؛ فأقمت بها يوما وليلة، وغسلت بها عدّة من جواريّ، وها أنا ذا تائب إلى اللَّه مما كان مني، وقد جعلت توبتي هبتهن لك، وتقدّمت في حملهنّ إليك، وهن موافيات المدينة في عشية اليوم، فبيعهن أو عتقهن إليك الأمر فيه، وأنت أعلم بما ترين في العبد السّوء. فأمرتني / بإحضار أربعمائة دينار، فأحضرتها. فأمرت بابتياع خشب بثلاثمائة دينار، وأمرت بنشره، وليس عندي ولا عند أحد من أهل المدينة علم بما تريده فيه. ثم أمرت بأن يتخذ بيت كبير، وجعلت النفقة عليه في أجرة النجارين من المائة الدينار الباقية.
  ثم أمرت بابتياع بيض وتبن وسرجين بما بقي من المائة الدينار بعد أجرة النجارين. ثم أدخلتني البيت، وفيه البيض والتبن والسّرجين، وحلفت بحق جدّها ألا أخرج من ذلك البيت حتى أحضن ذلك البيض كله إني أن يفقس، ففعلت ذلك، ولم أزل أحضنه حتى فقس كله. فخرج منه الألوف من الفراريج، وربيت في دار سكينة، فكانت تنسبهنّ إليّ، وتقول: بنات أشعب.
  قال أبو إسحاق. قال لي: وبقي ذلك النسل في أيدي الناس إلى الآن، فكلهم إخواني وأهلي. قال:
  فضحكت واللَّه حتى غلبت، وأمرت له بعشرة آلاف درهم، فحملت بحضرتي إليه.
  الخلاف في أزواج سكينة
  أخبرني الطوسيّ(٣) والحرميّ قالا: حدّثنا الزبير بن بكار قال: حدّثني عمي مصعب قال:
  تزوّجت سكينة بنت الحسين # عدّة أزواج، أوّلهم عبد اللَّه بن الحسن بن عليّ، وهو ابن عمها وأبو عذرتها، ومصعب بن الزبير، وعبد اللَّه بن عثمان الحزامي، وزيد بن عمرو بن عثمان، والأصبغ بن عبد العزيز بن مروان، ولم يدخل بها، وإبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف، ولم يدخل بها.
  قال مصعب ويحيى بن الحسن العلوي: إن عبد اللَّه بن حسن زوجها كان يكنى أبا جعفر، وأمه بنت السّليل بن عبد اللَّه البجلي، أخي جرير بن عبد اللَّه، قال: / ثم خلفه عليها مصعب بن الزبير، زوّجه إياها أخوها علي بن الحسين، ومهرها مصعب ألف ألف درهم.
  قال مصعب: وحدّثني مصعب بن عثمان: أن علي بن الحسين أخاها حملها إليه، فأعطاه أربعين ألف دينار.
  قال مصعب: وحدثني معاوية بن بكر الباهلي قال: قالت سكينة:
  دخلت على مصعب وأنا أحسن من النار الموقدة في الليلة القرّة.
  قال: فولدت من مصعب بنتا، فقال لها: سميها زهراء(٤). قالت: بل أسميها باسم إحدى أمهاتي وسمتها
(١) ف: عينك.
(٢ - ٢) عن ف، مب.
(٣) كذا في ف. وفي الأصول: أخبرني الفارسيّ.
(٤) كذا في ف. وفي الأصول: ربربا. وفي كتاب «المردفات من قريش» للمدائني (ص ٦٤): زبراء.