كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحسين بن علي ونسبه

صفحة 368 - الجزء 16

  خلف الأصبغ عليها، وولدت منه بنتا. وذكر عن أمه سعدة بنت عبد اللَّه أن سكينة أرتها بنتها من الحزاميّ، وقد أثقلتها باللؤلؤ، وهي في قبّة، فقالت: واللَّه ما ألبستها إياه إلا لتفضحه. تريد أنها تفضح الحليّ بحسنها، لأنها أحسن منه.

  أخبرني ابن أبي الأزهر قال: حدّثنا حماد بن إسحاق، عن أبيه، عن الهيثم بن عديّ، عن صالح بن حسّان وغيره:

  أن سكينة كانت عند عمرو بن حكيم بن حزام، ثم تزوّجها بعده زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان، ثم تزوّجها مصعب بن الزبير. فلما قتل مصعب، خطبها إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف، فبعثت إليه: أبلغ من حمقك أن تبعث إلى سكينة بنت الحسين بن فاطمة بنت رسول اللَّه تخطبها؟ فأمسك عن ذلك.

  بنانة تحب أن ترى جلبة في بيت مولاتها سكينة

  قال: ثم تنفّست يوما بنانة جارية سكينة وتنهدت، حتى كادت أضلاعها تتحطم. فقالت لها سكينة: مالك ويلك! قالت: أحب أن أرى في الدار جلبة. تعني العرس. فدعت مولى لها تثق به، فقالت له: اذهب إلى إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف، فقل له: إن الذي كنا ندفعك عنه قد بدا لنا فيه؛ أنت من أخوال رسول اللَّه ، فأحضر بيتك. قال: فجمع عدّة من بني زهرة، وأفناء قريش من بني جمح وغيرهم، نحوا من سبعين رجلا أو ثمانين. ثم أرسل إلى علي بن الحسين، والحسن بن الحسن، وغيرهم من بني هاشم. فلما أتاهم الخبر اجتمعوا، وقالوا: هذه السفيهة تريد أن تتزوّج إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف. / فتنادى بنو هاشم واجتمعوا، وقالوا: لا يخرجنّ أحد منك إلا ومعه عصا. فجاؤوا وما بقي إلا الكلام. فقال: اضربوا بالعصيّ. فاضطربوا هم وبنو زهرة، حتى تشاجّوا، فشجّ بينهم يومئذ أكثر من مائة إنسان. ثم قالت / بنو هاشم: أين هذه؟ قالوا: في هذا البيت. فدخلوا إليها، فقالوا: أبلغ هذا من صنعك؟ ثم جاؤوا بكساء طاروقيّ⁣(⁣١)، فبسطوه ثم حملوها، وأخذوا بجوانبه - أو قال:

  بزاوياه الأربع - فالتفتت إلى بنانة فقالت: يا بنانة، أرأيت في الدار جلبة؟ قالت: إي واللَّه إلا أنها شديدة.

  وقال هارون بن الزيات: أخبرني أبو حذيفة عن مصعب، قال:

  كان أوّل أزواج سكينة عبد اللَّه بن الحسن بن عليّ، قتل عنها ولم تلد له. وخلف عليها مصعب، فولدت له جارية⁣(⁣٢). ثم خلف عليها عبد اللَّه بن عثمان بن عبد اللَّه بن حكيم بن حزام، فنشزت عليه، فطلقها. ثم خلف عليها الأصبغ بن عبد العزيز فأصدقها صداقا كثيرا. فقال الشاعر:

  نكحت سكينة بالحساب ثلاثة ... فإذا دخلت بها فأنت الرابع

  إن البقيع إذا تتابع زرعه ... خاب البقيع وخاب فيه الزارع

  وبلغ ذلك عبد الملك بن مروان فغضب، وقال: أما تزوّجنا أحسابنا حتى تزوّجنا أموالنا! فطلَّقها. فطلقها فخلف عليها العثماني، وشرطت عليه ألَّا يطلقها⁣(⁣٣)، ولا يمنعها شيئا تريده، وأن يقيمها حيث خلَّتها أم منظور، ولا يخالفها في


(١) طاروقي: كذا في جميع الأصول، ولم نعثر على شرحه في «المعاجم» اللغوية.

(٢) ف، مب: كان أول أزواج سكينة عبد اللَّه بن الحسن بن علي، وخلف عليها مصعب بن الزبير، قتل عنها ولم تلد له.

(٣) ف: مب: ألا يغيرها، أي يجعلها تغار، باتخاذ الإماء ونحو ذلك.