أخبار الحسين بن علي ونسبه
  /
  دنّوك حتى يطمع الطالب الصّبا ... ودفعك أسباب الهوى حين يطمع(١)
  وقطعك أسباب الكريم ووصلك ال ... - لئيم وخلَّات المكارم ترفع(٢)
  فو اللَّه ما يدري كريم مماطل ... أينساك إذا باعدت أم يتضرع(٣)
  قال: نعم. قالت: ملَّحت وشكَّلت. خذ هذه الثلاثة الآلاف، والحق بأهلك.
  ثم دخلت إلى مولاتها وخرجت فقالت: أيكم نصيب؟ قال: هأنذا. قالت: أأنت القائل:
  ولولا أن يقال صبا نصيب ... لقلت بنفسي النّشأ الصّغار
  بنفسي كل مهضوم حشاها ... إذا ظلمت فليس لها انتصار
  قال: نعم. قالت: ربيتنا صغارا، ومدحتنا كبارا. خذ هذه الأربعة الآلاف، والحق بأهلك.
  / ثم دخلت على مولاتها وخرجت، فقالت: يا جميل، مولاتي تقرئك السّلام، وتقول لك: واللَّه ما زلت مشتاقة لرؤيتك منذ سمعت قولك:
  ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بوادي القرى إني إذا لسعيد
  لكل حديث بينهن بشاشة ... وكلّ قتيل عندهن شهيد
  جعلت حديثنا بشاشة، وقتلانا شهداء، خذ هذه الأربعة الآلاف(٤) الدينار، والحق بأهلك.
  تحكيم الرواة إياها في شعر الشعراء
  أخبرني ابن أبي الأزهر قال: حدّثنا حماد عن أبيه، عن أبي عبد اللَّه الزبيريّ، قال:
  اجتمع بالمدينة راوية جرير وراوية كثير ورواية جميل وراوية نصيب وراوية الأحوص، فافتخر كل واحد منهم بصاحبه، وقال: صاحبي أشعر. فحكموا سكينة بنت الحسين بن عليّ @، لما يعرفونه من عقلها وبصرها بالشعر، فخرجوا يتقادون(٥)، حتى استأذنوا عليها، فأذنت لهم، فذكروا لها الذي كان من أمرهم، فقالت لراوية جرير: أليس صاحبك الذي يقول:
  طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... حين(٦) الزيارة فارجعي بسلام
  وأيّ ساعة أحلى للزيارة من الطروق، قبح اللَّه صاحبك، وقبح شعره! ألا قال: فادخلي بسلام! / ثم قالت لراوية كثيّر: أليس صاحبك الذي يقول:
(١) كذا روي البيت في ف، مب. وفي بقية الأصول:
دنوّك حتى يدفع الجاهل الصبا ... ورفعك أسباب المنى حتى يطمع
(٢) البيت عن ف وحدها.
(٣) أم يتضرع: كذا في ف، مب. وفي بقية الأصول: أو يتصدع.
(٤) كذا في مب. وفي بقية الأصول: هذه الألف الدينار.
(٥) يتقادون: كذا في ف، مب. أي يتبارون في التفاخر بأصحابهم. وفي الأصول: يتهادون. يريد: يتهادون الشعر، أي يفخر به بعضهم على بعض. (انظر «اللسان»: قدا).
(٦) حين: كذا في ف، مب. وفي بقية الأصول و «الديوان»: وقت.