أخبار الفضل بن العباس اللهبي ونسبه
  بينه وبين سليمان
  وأخبرني ابن عمار بهذا الخبر عن علي بن محمد بن النوفليّ عن عمه:
  أن سليمان بن عبد الملك حج في خلافة الوليد، فجاء إلى زمزم فجلس عندها، ودخل الفضل اللَّهبيّ يستقي، فجعل يرتجز ويقول:
  يا أيها السائل عن عليّ ... سألت عن بدر لنا بدريّ
  مقدّم في الخير أبطحيّ ... ولين الشيمة هاشميّ
  زمزمنا بوركت من ركيّ ... بوركت للساقي وللمسقيّ
  / فغضب سليمان، وهم بالفضل. فكفه عنه عليّ بن عبد اللَّه، ثم أتاه بقدح فيه نبيذ من نبيذ السقاية، فأعطاه إياه، وسأله أن يشربه، فأخذه من يده كالمتعجب، ثم قال: نعم إنه يستحب، ووضعه في يده ولم يشربه. فلما ولي الخلافة وحج لقيه الفضل، فلم يعطه شيئا.
  حسد الحارث بن خالد المخزومي له
  نسخت من كتاب ابن النطاح، قال:
  ذكر أبو المدائني أن الحارث بن خالد المخزوميّ، كان يحسد الفضل اللهبي على شعره ويعاديه، لأن أبا لهب كان قامر جده العاصي بن هاشم على ماله فقمره، ثم قامره على رقة فقمره(١)، فأسلمه قينا، ثم بعث به بديلا يوم بدر، فقتله عليّ بن أبي طالب #، فكان(٢) إذا أنشد شيئا من شعره يقول: هذا شعر ابن «حمّالة الحطب». فقال الفضل في ذلك:
  ماذا تحاول من شتمي ومنقصتي ... ماذا تعيّر من حمالة الحطب
  / غراء سائلة في المجد غرتها ... كانت حليلة شيخ ثاقب النسب
  إنا وإن رسول اللَّه جاء بنا ... شيخ عظيم شؤون الرأس والنشب
  يا لعن اللَّه قوما أنت سيدهم ... في جلدة بين أصل الثّيل(٣) والذنب
  أبا لقيون توافيني تفاخرني ... وتدعي المجد قد أفرطت في الكذب
  وفي ثلاثة رهط أنت رابعهم ... توعدني واسطا جرثومة العرب
  في أسرة من قريش هم دعائمها ... تشفي دماؤهم للخيل والكلب
  أما أبوك فعبد لست تنكسره ... وكان مالكه جدي أبو لهب
  النبع عيداننا والمجد شيمتنا ... لسنا كقومك من مرخ ولا غرب
(١) قمره: غلبه.
(٢) الضمير يرجع إلى أبي لهب، كما هو ظاهر من البيت الثامن.
(٣) الثيل: وعاء قضيب البعير والتيس، وقد يقال للإنسان.