كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حمزة بن بيض ونسبه

صفحة 403 - الجزء 16

  هجو من لم يحسن ضيافته

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا محمد بن زكرياء الغلَّابيّ قال: قال ابن عائشة:

  خرج ابن بيض في سفر، فنزل بقوم، فلم يحسنوا ضيافته، وأتوه بخبز يابس، وألقوا لبغلته تبنا، فأعرض عنهم، وأقبل على بغلته، فقال:

  أحسبيها ليلة أدلجتها ... فكلي إن شئت تبنا أو ذري

  قد أتى ربّك خبز يابس ... فتعزّي معه واصطبري⁣(⁣١)

  الفرزدق يفحمه

  حدّثنا محمد بن العباس اليزيدي، قال: حدّثنا أحمد بن الحارث الخراز، قال: حدّثنا المدائني، قال:

  قال حمزة بن بيض يوما للفرزدق: أيّما أحب إليك، تسبق الخير أو يسبقك؟ قال: لا أسبقه ولا يسبقني، ولكن نكون معا. فأيّما أحب إليك، أن تدخل إلى بيتك، فتجد رجلا قابضا على حر امرأتك، أو تجد امرأتك قابضه على أيره؟ فقال: كلام لا بد من جوابه، والبادي أظلم، بل أجدها قابضة على أيره، قد أغبته⁣(⁣٢) عن نفسها.

  جبنه

  نسخت من كتاب أبي إسحاق الشايمينيّ⁣(⁣٣): قال ابن الأعرابي:

  وقع بين بني حنيفة بالكوفة، وبين بني تميم شر، حتى نشبت الحرب بينهم، فقال رجل لحمزة بن بيض: ألا تأتي هؤلاء القوم، فتدفعهم عن قومك، فإنك ذو بيان وعارضة؟ فقال:

  ألا لا تلمني يا بن ماهان إنني ... أخاف على فخّارتي⁣(⁣٤) أن تحطَّما

  ولو أنني أبتاع في السوق مثلها ... وجدّك⁣(⁣٥) ما باليت أن أتقدّما

  مفاضلة بين ناسك وشارب للنبيذ

  قال: وكان لابن بيض صديق عامل من عمال ابن هبيرة، فاستودع رجلا ناسكا ثلاثين ألف درهم، واستودع مثلها رجلا نبيذيا، فأما الناسك فبنى بها داره، وتزوّج النساء، وأنفقها وجحده. وأما النبيذيّ فأدّى إليه الأمانة في ماله، فقال حمزة بن بيض فيهما:

  ألا لا يغرّنك ذو سجدة ... يظل بها دائبا يخدع

  كأن بجبهته جلبة⁣(⁣٦) ... يسبح طورا ويسترجع


(١) رواية الشطر الثاني في الأصول عدا ف، مب:

فتغذي وتعزي واصبري

(٢) أغبته: أخرته وأبعدته.

(٣) الشايميني: كلمة غير واضحة في الأصول. ولم نجد الاسم في المراجع.

(٤) يريد: رأسي.

(٥) ف، مب: وعيشك.

(٦) الجلبة: قشرة رقيقة تعلو الجرح عند البرء، شبه بها أثر السجود.