أخبار حمزة بن بيض ونسبه
  أغفيت قبل الصبح نوم مسهّد ... في ساعة ما كنت قبل أنامها
  قال: ثم ماذا كان؟ قلت:
  فرأيت أنك جدت لي بوصيفة ... موسومة حسن عليّ قيامها
  قال: قد فعلت. فقلت:
  وببدرة حملت إليّ وبغلة ... سفواء ناجية يصلّ لجامها(١)
  قال: قد حقق اللَّه رؤياك. ثم أمر لي بذلك كله، وما علم اللَّه أني رأيت من ذلك شيئا.
  / قال مؤلف هذا الكتاب: وقد روي هذا الخبر بعينه لابن عبدل الأسديّ، وذكرته في أخباره.
  شعره في ابن عمه الذي حج معه
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد، قال: حدّثنا أبو حاتم، قال: حدّثنا عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، قال:
  حج حمزة بن بيض الحنفيّ، فقال له ابن عم له: أحجج بي معك. فأخرجه معه، فحوقل(٢) عليه بعد نشاطه، فقال ابن بيض فيه:
  وذي سنة لم يدر ما السير قبلها ... ولم يعتسف خرقا من الأرض مجهلا(٣)
  ولم يدر ما حلّ الحبال وعقدها ... إذا البرد لم يترك لكفيه معملا
  ولم يقر مأجورا ولا حج حجة ... فيضرب سهما أو يصاحب مكتلا(٤)
  غدونا به كالبغل ينفض رأسه ... نشاطا بناه الخير حتى تفتّلا(٥)
  ترى المحمل المحسورناء عرامه ... وبابا إذا أمسى من الشر مقفلا(٦)
  وإن قلت ليلا: أين أنت لحاجة ... أجاب بأن لبيك عشرا وأقبلا
  يسوق مطيّ القوم طورا وتارة ... يقود وإن شئنا حدا ثم جلجلا(٧)
  فأجّلته خمسا وقلت له: انتظر ... رويدا؛ وأجلنا المطيّ ليدبلا
(١) السفواء: قليلة شعر الناصية، والسريعة. وفي مب: شقراء. ويصل: يصوت لما فيه من الحلية.
(٢) حوقل: مشى فأعيا وضعف.
(٣) اعتسف الطريق: ركبه على غير هداية ولا دراية. والخرق: الأرض الواسعة يشتد فيها هبوب الرياح. والمجهل: المفازة لا أعلام فيها، أو لا يهتدي فيها.
(٤) المأجور: ما يستأجر في السفر من دابة أو خادم. والمكتل: الزنبيل من خوص. وفي ف، مب: ولم يغز مأجورا ... فيصحب سهما.
(٥) تفتل: اشتد.
(٦) المحمل: كذا في ف، مب. ولعله يريد دابة الحمل. أو لعل اللفظة محرفة عن: الجمل. والمحسور: المتعب المكدود. وناء:
بعد، وهو مقلوب نأى، أو لغة فيه. وعرامه: قوته ونشاطه. وفي غير ف، مب: «ويأبى إذا أمسى من الشر مقبلا».
(٧) سائق المطي: من يدفعها من خلفها. وقائدها: من يسحبها من قدامها.