كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حمزة بن بيض ونسبه

صفحة 411 - الجزء 16

  أغفيت قبل الصبح نوم مسهّد ... في ساعة ما كنت قبل أنامها

  قال: ثم ماذا كان؟ قلت:

  فرأيت أنك جدت لي بوصيفة ... موسومة حسن عليّ قيامها

  قال: قد فعلت. فقلت:

  وببدرة حملت إليّ وبغلة ... سفواء ناجية يصلّ لجامها⁣(⁣١)

  قال: قد حقق اللَّه رؤياك. ثم أمر لي بذلك كله، وما علم اللَّه أني رأيت من ذلك شيئا.

  / قال مؤلف هذا الكتاب: وقد روي هذا الخبر بعينه لابن عبدل الأسديّ، وذكرته في أخباره.

  شعره في ابن عمه الذي حج معه

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد، قال: حدّثنا أبو حاتم، قال: حدّثنا عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، قال:

  حج حمزة بن بيض الحنفيّ، فقال له ابن عم له: أحجج بي معك. فأخرجه معه، فحوقل⁣(⁣٢) عليه بعد نشاطه، فقال ابن بيض فيه:

  وذي سنة لم يدر ما السير قبلها ... ولم يعتسف خرقا من الأرض مجهلا⁣(⁣٣)

  ولم يدر ما حلّ الحبال وعقدها ... إذا البرد لم يترك لكفيه معملا

  ولم يقر مأجورا ولا حج حجة ... فيضرب سهما أو يصاحب مكتلا⁣(⁣٤)

  غدونا به كالبغل ينفض رأسه ... نشاطا بناه الخير حتى تفتّلا⁣(⁣٥)

  ترى المحمل المحسورناء عرامه ... وبابا إذا أمسى من الشر مقفلا⁣(⁣٦)

  وإن قلت ليلا: أين أنت لحاجة ... أجاب بأن لبيك عشرا وأقبلا

  يسوق مطيّ القوم طورا وتارة ... يقود وإن شئنا حدا ثم جلجلا⁣(⁣٧)

  فأجّلته خمسا وقلت له: انتظر ... رويدا؛ وأجلنا المطيّ ليدبلا


(١) السفواء: قليلة شعر الناصية، والسريعة. وفي مب: شقراء. ويصل: يصوت لما فيه من الحلية.

(٢) حوقل: مشى فأعيا وضعف.

(٣) اعتسف الطريق: ركبه على غير هداية ولا دراية. والخرق: الأرض الواسعة يشتد فيها هبوب الرياح. والمجهل: المفازة لا أعلام فيها، أو لا يهتدي فيها.

(٤) المأجور: ما يستأجر في السفر من دابة أو خادم. والمكتل: الزنبيل من خوص. وفي ف، مب: ولم يغز مأجورا ... فيصحب سهما.

(٥) تفتل: اشتد.

(٦) المحمل: كذا في ف، مب. ولعله يريد دابة الحمل. أو لعل اللفظة محرفة عن: الجمل. والمحسور: المتعب المكدود. وناء:

بعد، وهو مقلوب نأى، أو لغة فيه. وعرامه: قوته ونشاطه. وفي غير ف، مب: «ويأبى إذا أمسى من الشر مقبلا».

(٧) سائق المطي: من يدفعها من خلفها. وقائدها: من يسحبها من قدامها.