أخبار حمزة بن بيض ونسبه
  فلما أنشده ابن بيض هذه الأبيات، أمر له بعشرة آلاف درهم، وعشرة أثواب، وقال: نزيدك ما زدتنا، ونضعف لك. فقال:
  /
  أمخلد لم تترك لنفسي بغية ... وزدت على ما كنت أرجو وآمل
  فكنت كما قد قال معن فإنه ... بصير بما قد قال إذ يتمثّل
  وجدت كثير المال إذ ضنّ معدما ... يذمّ ويلحاه الصديق المؤمّل
  وإن أحقّ الناس بالجود من رأى ... أباه جوادا للمكارم يجزل
  تربّ الذي قد كان قدّم والد ... أغرّ إذا ما جئته يتهلل(١)
  وجدت يزيدا والمهلَّب برّزا ... فقلت: فإني مثل ذلك أفعل
  ففزت كما فازا وجاوزت غاية ... يقصّر عنها السابق المتمهّل
  فأنت غياث لليتامى وعصمة ... إليك جمال الطالبي الخير ترحل
  أصاب الذي رجّى نداك مخيلة ... تصبّ عزاليها عليه وتهطل(٢)
  ولم تلف إذ رجّوا نوالك باخلا ... تضن على المعروف والمال يعقل(٣)
  وموت الفتى خير له من حياته ... إذا كان ذا مال يضنّ ويبخل
  فقال له مخلد: احتكم. فأبى، فأعطاه عشرة آلاف(٤) دينار وجارية وغلاما وبرذونا.
  الصداقة بينه وبين حماد بن الزبرقان
  أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعيّ قال: حدّثنا أحمد بن الحارث الخراز، عن المدائني، قال:
  كان حمزة / بن بيض شاعرا ظريفا، فشاتم حماد بن الزبرقان، وكان من ظرفاء أهل الكوفة، وكلاهما صاحب شراب، وكان حماد يتّهم بالزندقة، فمشى الرجال بينهما حتى اصطلحا، فدخلا يوما على بعض ولاة الكوفة، فقال لابن بييض: / أراك قد صالحت حمادا، فقال ابن بيض: نعم، أصلحك اللَّه، على ألا آمره بالصلاة، ولا ينهاني عنها.
  شعره في التشوق لأهله لطول مقامه بالبصرة
  أخبرني محمد بن زكريا الصّحّاف قال: حدّثنا قعنب بن المحرز الباهليّ قال: حدّثني الهيثم بن عديّ قال:
  قدم حمزة بن بيض البصرة زائرا لبلال بن أبي بردة بن أبي موسى، وبينهما مودة منذ الصّبا، فطال مقامه عنده، فاشتاق إلى أهله وولده، فكتب إلى بلال:
(١) مب: «إذا مازرته». والبيت ساقط كله من ف.
(٢) العزالى: جمع عزلاء، وهي مصب الماء من القربة.
(٣) كذا في الأصول. وفي ف: يفصل. وفي مب:
يظل على المعروف والمال يفضل
(٤) في الأصول: ألفي دينار.