كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أخبار أبي دواد الإيادي ونسبه

صفحة 521 - الجزء 16

  إهمال الرواة لشعره

  أخبرنا يحيى بن عليّ بن يحيى، عن أبيه، عن إسحاق، عن الأصمعيّ قال:

  كانت الرواة لا تروي شعر أبي دواد ولا عديّ بن زيد، لمخالفتهما مذاهب الشعراء⁣(⁣١)، قال: وكان أبو دواد على خيل المنذر بن ماء السماء، فأكثر وصفه للخيل.

  افتراق الإياديين ثلاث فرق

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال:

  حدّثني ابن أبي الهيذام قال:

  اسم أبي دواد الإيادي جويرية بن الحجاج. وكانت له ناقة يقال لها الزّبّاء، فكانت بنو إياد يتبركون بها. فلما أصابتهم السنة تفرّقوا ثلاث فرق، فرقة سلكت في البحر فهلكت، وفرقة قصدت اليمن فسلمت، وفرقة قصدت أرض بكر بن وائل، فنزلوا على الحارث بن همّام.

  وكان السبب في ذلك أنهم أرسلوا الزّباء، وقالوا إنها ناقة ميمونة، فخلوها، فحيث توجهت فاتبعوها. وكذلك كانوا يفعلون إذا أرادوا نجعة. فخرجت تخوض العرب، حتى بركت بفناء الحارث بن همّام، وكان أكرم الناس جوارا، وهو جار أبي دواد المضروب به المثل. فقال أبو دواد يمدح الحارث، ويذكر ناقته الزّباء:

  فإلى ابن همّام بن مرّة أصعدت ... ظعن الخليط بهم فقلّ زيالها

  أنعمت نعمة ماجد ذي منة ... نصبت عليه من العلا أظلالها

  وجعلنا دون الوليّ فأصبحت ... زباء منقطعا إليك عقالها

  فخر إياد على العرب

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ قال: حدّثنا يحيى بن سعيد قال:

  كانت إياد تفخر على العرب، تقول: منا أجود الناس كعب بن مامة، ومنا أشعر الناس أبو دواد، ومنا أنكح الناس ابن ألغز⁣(⁣٢).

  ابن ألغز

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ قال: / حدّثنا عيسى بن إسماعيل تينة قال: حدّثني القحذميّ قال:

  كان ابن ألغز أيّرا، فكان إذا أنعظ احتكت الفصال بأيره، قال: وكان في إياد امرأة تستصغر أيور الرجال، فجامعها ابن ألغز، فقالت: يا معشر إياد، أبالرّكب تجامعون النساء؟ قال: فضرب بيده على أليتها وقال: ما هذا؟

  فقالت وهي لا تعقل ما تقول: هذا القمر. فضرب العرب بها المثل: «أريها استها وتريني القمر». وأنشد وقد كان الحجاج منع من لحوم البقر خوفا من قلَّة العمارة في السواد، فقيل فيه:


(١) صرح ابن قتيبة في «الشعر والشعراء» ص ١٢١ بهذه المخالفة، فقال: لأن ألفاظهما ليست بنجدية. وكذلك قال المرزباني في «الموشح».

(٢) قال في «تاج العروس»: واسمه سعد أو عروة بن أشيم ... أو الحارث. ولا خلاف في اسم أبيه أشيم.