أخبار أبي تمام ونسبه
  فقال له الرجل: أحسن واللَّه. فقال: كذبت قبحك اللَّه. فقال: واللَّه لئن كان أخذه منك، لقد أجاد، فصار أولى به منك. وإن كنت أخذته منه فما بلغت مبلغه. فغضب دعبل وانصرف.
  تقديم الباهلي له
  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثني ابن مهرويه قال: حدثني عبد اللَّه بن محمد بن جرير قال:
  سمعت محمد بن حازم الباهليّ يقدم أبا تمام ويفضله، ويقول: لو لم يقل إلا مرثيته التي أولها:
  أصمّ بك الناعي وإن كان أسمعا
  وقوله:
  لو يقدرون مشوا على وجناتهم ... وجباههم فضلا عن الأقدام
  لكفتاه.
  إعجاب عمارة بن عقيل بشعره
  أخبرني عمي قال: حدثني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر قال:
  كان عمارة بن عقيل عندنا يوما، فسمع مؤدّبا كان لولد أخي يروّيهم قصيدة أبي تمام:
  الحق أبلج والسيوف عوار
  فلما بلغ إلى قوله:
  سود اللباس كأنما نسجت لهم ... أيدي السّموم مدارعا من قار(١)
  بكروا وأسروا في متون ضوامر ... قيدت لهم من مربط النّجار
  لا يبرحون ومن رآهم خالهم ... أبدا على سفر من الأسفار
  فقال عمارة: للَّه دره! ما يعتمد معنى إلا أصاب أحسنه، كأنه موقوف عليه.
  استحسان الصولي لشعره
  أخبرني محمد بن يحيى الصّوليّ قال: حدثني أبو ذكوان قال: قال لي إبراهيم بن العباس: ما اتكلت في مكاتبتي قطَّ إلا على ما جاش به صدري، وجلبه خاطري، إلا أني قد استحسنت قول أبي تمام:
  /
  فإن باشر الإصحار فالبيض والقنا ... قراه وأحواض المنايا مناهله(٢)
  وإن يبن حيطانا عليه فإنما ... أولئك عقّالاته لا معاقله(٣)
  وإلا فأعلمه بأنك ساخط ... عليه، فإن الخوف لا شكّ قاتله
  فأخذت هذا المعنى في بعض رسائلي، فقلت: «فصار ما كان يحرزهم يبرزهم، وكان كان يعقلهم يعتقلهم». قال:
(١) المدارع: جمع مدرعة، وهي جبة مشقوقة المقدم.
(٢) الإصحار: البروز إلى الصحراء.
(٣) عقالاته: قيوده.