كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي تمام ونسبه

صفحة 528 - الجزء 16

  فقال له الرجل: أحسن واللَّه. فقال: كذبت قبحك اللَّه. فقال: واللَّه لئن كان أخذه منك، لقد أجاد، فصار أولى به منك. وإن كنت أخذته منه فما بلغت مبلغه. فغضب دعبل وانصرف.

  تقديم الباهلي له

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدثني ابن مهرويه قال: حدثني عبد اللَّه بن محمد بن جرير قال:

  سمعت محمد بن حازم الباهليّ يقدم أبا تمام ويفضله، ويقول: لو لم يقل إلا مرثيته التي أولها:

  أصمّ بك الناعي وإن كان أسمعا

  وقوله:

  لو يقدرون مشوا على وجناتهم ... وجباههم فضلا عن الأقدام

  لكفتاه.

  إعجاب عمارة بن عقيل بشعره

  أخبرني عمي قال: حدثني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر قال:

  كان عمارة بن عقيل عندنا يوما، فسمع مؤدّبا كان لولد أخي يروّيهم قصيدة أبي تمام:

  الحق أبلج والسيوف عوار

  فلما بلغ إلى قوله:

  سود اللباس كأنما نسجت لهم ... أيدي السّموم مدارعا من قار⁣(⁣١)

  بكروا وأسروا في متون ضوامر ... قيدت لهم من مربط النّجار

  لا يبرحون ومن رآهم خالهم ... أبدا على سفر من الأسفار

  فقال عمارة: للَّه دره! ما يعتمد معنى إلا أصاب أحسنه، كأنه موقوف عليه.

  استحسان الصولي لشعره

  أخبرني محمد بن يحيى الصّوليّ قال: حدثني أبو ذكوان قال: قال لي إبراهيم بن العباس: ما اتكلت في مكاتبتي قطَّ إلا على ما جاش به صدري، وجلبه خاطري، إلا أني قد استحسنت قول أبي تمام:

  /

  فإن باشر الإصحار فالبيض والقنا ... قراه وأحواض المنايا مناهله⁣(⁣٢)

  وإن يبن حيطانا عليه فإنما ... أولئك عقّالاته لا معاقله⁣(⁣٣)

  وإلا فأعلمه بأنك ساخط ... عليه، فإن الخوف لا شكّ قاتله

  فأخذت هذا المعنى في بعض رسائلي، فقلت: «فصار ما كان يحرزهم يبرزهم، وكان كان يعقلهم يعتقلهم». قال:


(١) المدارع: جمع مدرعة، وهي جبة مشقوقة المقدم.

(٢) الإصحار: البروز إلى الصحراء.

(٣) عقالاته: قيوده.