ذكر الكميت ونسبه وخبره
  مغموما يا أمير المؤمنين، لا غمّك اللَّه! فأخبره هشام بالقصة، فأطرق الكميت ساعة ثم أنشأ يقول(١):
  أعتبت أم عتبت عليك صدوف ... وعتاب مثلك مثلها تشريف
  لا تقعدنّ تلوم نفسك دائبا ... فيها وأنت بحبّها مشغوف
  إنّ الصريمة لا يقوم بثقلها(٢) ... إلَّا القويّ بها، وأنت ضعيف
  فقال هشام: صدقت واللَّه، ونهض من مجلسه، فدخل إليها، ونهضت إليه فاعتنقته. وانصرف الكميت، فبعث إليه هشام بألف دينار، وبعثت إليه بمثلها.
  وفوده على زيد بن عبد الملك
  قال الطلحيّ: أخبرني حبيش بن الكميت أخو المستهلّ بن الكميت بن زيد، قال:
  وفد الكميت بن زيد على يزيد بن عبد الملك، فدخل عليه يوما وقد اشتريت له سلَّامة القسّ، فأدخلها إليه والكميت حاضر فقال له: يا أبا المستهلّ؛ هذه جارية تباع، أفترى أن نبتاعها؟ قال: إي واللَّه يا أمير المؤمنين؛ وما أرى أنّ لها مثلا في الدنيا فلا تفوتّنك، قال: فصفها في شعر حتى أقبل رأيك؛ فقال الكميت(٣):
  شعره في سلامة القس
  هي شمس النهار في الحسن إلَّا ... أنها فضّلت بقتل الظَّراف
  غضّة بضّة رخيم لعوب ... وعثة المتن شختة الأطراف(٤)
  زانها دلَّها وثغر نقيّ ... وحديث مرتّل غير جافي
  / خلقت فوق منية المتمنّي ... فاقبل النّصح يا بن عبد مناف
  فضحك يزيد، وقال: قد قبلنا نصحك يا أبا المستهلّ، وأمر له بجائزة سنّية.
  لقاؤه بالفرزدق وهو صبي
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ، قال: أخبرني إبراهيم بن أيوب، عن ابن قتيبة، قال:
  مرّ الفرزدق بالكميت وهو ينشد - والكميت يومئذ صبيّ - فقال له الفرزدق: يا غلام، أيسرّك أني أبوك؟ فقال:
  لا، ولكن يسرّني أن تكون أمّي! فحصر(٥) الفرزدق، فأقبل على جلسائه وقال: ما مرّبي مثل هذا قط.
  إنشاده أبا عبد اللَّه جعفر بن محمد
  أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد الهمدانيّ بن عقدة، قال: أخبرنا عليّ بن محمد / الحسينيّ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عيسى الحمّال، قال: حدثنا مصبّح بن الهلقام، قال: حدثنا محمد بن سهل صاحب الكميت:
  قال:
(١) الهاشميات ٩٤.
(٢) في ب: «بمثلها» والمثبت ما في الهاشميات.
(٣) الهاشميات ٩٤.
(٤) المتن: الظهر. ووعثة: سمينة. شختة الأطراف: ضامرتها لا هزالا.
(٥) الحصر، بالتحريك: العي في المنطق.