كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر الكميت ونسبه وخبره

صفحة 20 - الجزء 17

  دخلت مع الكميت على أبي عبد اللَّه جعفر بن محمد @، فقال له: جعلت فداك! ألا أنشدك؟ قال:

  إنها أيام عظام، قال: إنها فيكم، قال: هات - وبعث أبو عبد اللَّه إلى بعض أهله فقرب - فأنشده، فكثر البكاء حتى أتى على هذا البيت⁣(⁣١):

  يصيب به الرّامون عن قوس غيرهم ... فيا آخرا سدّى له الغيّ أوّل⁣(⁣٢)

  فرفع أبو عبد اللَّه # يديه فقال: اللهم اغفر للكميت ما قدّم وما أخّر، وما أسرّ وما أعلن، وأعطه حتى يرضى.

  إنشاده أبا جعفر محمد بن علي

  أخبرني حبيب بن نصر المهلَّبيّ، قال: حدثنا عمر بن شبّة قال: قال محمد بن كناسة: حدثني صاعد مولى الكميت، قال:

  دخلنا على أبي جعفر محمد بن عليّ @ فأنشده الكميت قصيدته التي أولها:

  من لقلب متيّم مستهام؟

  فقال: اللهم اغفر للكميت، اللهم اغفر للكميت.

  قبوله كسوة أبي جعفر ورده المال

  قال: ودخلنا يوما على أبي جعفر محمد بن عليّ، فأعطانا ألف دينار وكسوة، فقال له الكميت: واللَّه ما أحببتكم للدنيا، ولو أردت الدنيا لأتيت من هي في يديه، ولكني أحببتكم للآخرة؛ فأما الثياب التي أصابت أجسامكم فأنا أقبلها لبركاتها، وأمّا المال فلا أقبله، فردّه وقبل الثياب.

  فاطمة بنت الحسين تحتفي به

  قال: ودخلنا على فاطمة بنت الحسين @ فقالت: هذا شاعرنا أهل البيت، وجاءت بقدح فيه سويق، فحركته بيدها وسقت الكميت، فشربه، ثم أمرت له بثلاثين دينارا ومركب، فهملت عيناه، وقال: لا واللَّه لا أقبلها؛ إني لم أحبّكم للدنيا.

  احتجاج بني أسد على المستهل بن الكميت ببيت لأبيه

  أخبرني محمد بن العباس اليزيديّ، قال: أخبرني عمّي، عن عبيد اللَّه بن محمد بن حبيب، عن ابن كناسة، قال:

  لما جاءت المسوّدة سخروا⁣(⁣٣) بالمستهلّ بن الكميت، وحملوا عليه حملا ثقيلا، وضربوه، فمرّ ببني أسد، فقال: أترضون أن يفعل بي هذا الفعل؟ قالوا له: هؤلاء الذين يقول أبوك فيهم⁣(⁣٤):


(١) الهاشميات ٧١.

(٢) في الهاشميات: أسدى.

(٣) أ: «سجروا» تحريف.

(٤) الهاشميات ٢٢.