كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار كعب بن زهير

صفحة 61 - الجزء 17

  سقاك أبو بكر بكأس رويّة ... وأنهلك المأمون منها وعلَّكا

  فقال رسول اللَّه : مأمون واللَّه. ثم أنشده - يعني كعبا -:

  بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

  قال عمر بن شبّة: فحدثني الحزاميّ، قال: حدثني محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، وأخبرني بمثل ذلك أحمد بن الجعد، قال: حدثنا محمد بن / إسحاق المسّيبيّ، قال: حدثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، قال: أنشدها رسول اللَّه في مسجده، فلما بلغ إلى قوله⁣(⁣١):

  إنّ الرّسول لسيف يستضاء به ... مهنّد من سيوف اللَّه مسلول

  في فتية من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لمّا أسلموا: زولوا

  زالوا فما زال أنكاس ولا كشف ... عند اللقاء ولا خور معازيل⁣(⁣٢)

  أشار رسول اللَّه إلى الحلق أن يسمعوا شعر كعب بن زهير.

  قال الحزاميّ: قال عليّ بن المديني: لم أسمع قطَّ في خبر كعب بن زهير حديثا قطَّ أتمّ ولا أحسن من هذا، ولا أبالي ألَّا أسمع من خبره غير هذا.

  رواية أخرى في إسلام بجير وكعب

  قال أبو زيد عمر بن شبّة: ومما يروى من خبره أنّ زهيرا كان نظَّارا متوقّيا، وأنه رأى في منامه آتيا أتاه، فحمله إلى المساء حتى / كاد يمسّها بيده، ثم تركه فهوى إلى الأرض، فلما احتضر قصّ رؤياه على ولده، وقال:

  إني لا أشكّ أنه كائن من خبر السّماء بعدي شيء، فإن كان فتمسّكوا به وسارعوا إليه.

  فلما بعث النبيّ # خرج إليه بجير بن زهير فأسلم، ثم رجع إلى بلاد قومه، فلما هاجر رسول اللَّه أتاه بجير بالمدينة - وكان من خيار المسلمين - وشهد يوم الفتح مع رسول اللَّه ، ويوم خيبر ويوم حنين وقال في ذلك⁣(⁣٣):

  /

  صبحناهم بألف من سليم ... وألف من بني عثمان واف

  فرحنا والجياد تجول فيهم ... بأرماح مثقّفة خفاف

  وفي أكتافهم طعن وضرب ... ورشق بالمريّشة⁣(⁣٤) اللَّطاف

  ثم ذكر خبره وخبر أخيه كعب مثل ما ذكر الحزاميّ، وزاد في الأبيات التي كتب بها كعب إليه:

  فخالفت أسباب الهدى وتبعته ... فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا؟

  ثم قال في خبره أيضا: إن كعبا نزل برجل من جهينة، فلما أصبح أتى النبيّ #، فقال: يا رسول اللَّه،


(١) ديوانه ٢٣.

(٢) في الديوان: «ولا ميل»، والكشف: الذين ينهزمون ولا يثبتون. والميل: جمع أميل، وهو الذي لا يثبت على السرج. والنكس:

الضعيف.

(٣) ديوانه ٢٤٥.

(٤) المريشة: السهام ذات الريش.