كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار كعب بن زهير

صفحة 62 - الجزء 17

  أرأيت إن أتيتك بكعب بن زهير مسلما أتؤمّنه؟ قال: نعم، قال: فأنا كعب بن زهير، فتواثبت الأنصار تقول:

  يا رسول اللَّه، ائذن لنا فيه. فقال: وكيف، وقد أتاني مسلما! وكفّ عنه المهاجرون ولم يقولوا شيئا، فأنشد رسول اللَّه قصيدته:

  بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

  حتى انتهى إلى قوله⁣(⁣١):

  لا يقع الطَّعن إلَّا في نحورهم ... وما بهم عن حياض الموت تهليل⁣(⁣٢)

  هكذا في رواية عمر بن شبة، ورواية غيره: «تعليل».

  فعند ذلك أومأ رسول اللَّه إلى الحلق⁣(⁣٣) حوله أن تسمع منه. قال: وعرّض بالأنصار في قصيدته في عدّة مواضع، منها قوله:

  كانت مواعيد عرقوب لها مثلا ... وما مواعيدها إلَّا الأباطيل

  / وعرقوب: رجل من الأوس⁣(⁣٤).

  مدحه الأنصار

  فلما سمع المهاجرون بذلك قالوا: ما مدحنا من هجا الأنصار، فأنكروا قوله، وعوتب على ذلك فقال⁣(⁣٥):

  من سرّه كرم الحياة فلا يزل ... في مقنب من صالحي الأنصار⁣(⁣٦)

  الباذلين نفوسهم لنبيّهم ... عند الهياج وسطوة الجبّار⁣(⁣٧)

  والناظرين بأعين محمّرة ... كالجمر غير كليلة الإبصار

  والضّاربين الناس عن أديانهم⁣(⁣٨) ... بالمشرفيّ وبالقنا الخطَّار

  يتطهّرون يرونه نسكا لهم ... بدماء من علقوا من الكفّار⁣(⁣٩)

  صدموا الكتيبة يوم بدر صدمة ... ذلَّت لوقعتها رقاب نزار⁣(⁣١٠)


(١) ديوانه ٢٥.

(٢) في الديوان: «ما إن بهم»، وتهليل: نكوص وفرار.

(٣) في س: «الخلق»، والمثبت من أ.

(٤) في هامش أ: «ليس عرقوب من الأوس، وإنما هو من العماليق، ولم يقل إنه من الأوس قائل، وإنما قيل: إنه من بني سعد». وفي شرح ديوان كعب ٨: «عرقوب بن نصر من العمالقة، نزل بالمدينة قبل أن ينزلها اليهود بعد عيسى».

(٥) ديوانه ٢٥.

(٦) المقنب: الجماعة من الفوارس، نحو الثلاثين أو أقل. وقيل: ألف، وقيل: أقل.

(٧) في الديوان: «يوم الهياج وقبة».

(٨) في الديوان: «والذائدين الناس».

(٩) في الديوان: «يتطهرون كأنه نسك لهم». والنسك: كل شيء ذبح في الحرم.

(١٠) في الديوان:

صدموا عليّا يوم بدر صدمة ... دانت عليّ بعدها لنزار

وقال في شرحه: هو علي بن بكر بن وائل، أبو قبيلة. ويقال: على أخو عبد مناة بن كنانة.