أخبار كعب بن زهير
  أرأيت إن أتيتك بكعب بن زهير مسلما أتؤمّنه؟ قال: نعم، قال: فأنا كعب بن زهير، فتواثبت الأنصار تقول:
  يا رسول اللَّه، ائذن لنا فيه. فقال: وكيف، وقد أتاني مسلما! وكفّ عنه المهاجرون ولم يقولوا شيئا، فأنشد رسول اللَّه ﷺ قصيدته:
  بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
  حتى انتهى إلى قوله(١):
  لا يقع الطَّعن إلَّا في نحورهم ... وما بهم عن حياض الموت تهليل(٢)
  هكذا في رواية عمر بن شبة، ورواية غيره: «تعليل».
  فعند ذلك أومأ رسول اللَّه ﷺ إلى الحلق(٣) حوله أن تسمع منه. قال: وعرّض بالأنصار في قصيدته في عدّة مواضع، منها قوله:
  كانت مواعيد عرقوب لها مثلا ... وما مواعيدها إلَّا الأباطيل
  / وعرقوب: رجل من الأوس(٤).
  مدحه الأنصار
  فلما سمع المهاجرون بذلك قالوا: ما مدحنا من هجا الأنصار، فأنكروا قوله، وعوتب على ذلك فقال(٥):
  من سرّه كرم الحياة فلا يزل ... في مقنب من صالحي الأنصار(٦)
  الباذلين نفوسهم لنبيّهم ... عند الهياج وسطوة الجبّار(٧)
  والناظرين بأعين محمّرة ... كالجمر غير كليلة الإبصار
  والضّاربين الناس عن أديانهم(٨) ... بالمشرفيّ وبالقنا الخطَّار
  يتطهّرون يرونه نسكا لهم ... بدماء من علقوا من الكفّار(٩)
  صدموا الكتيبة يوم بدر صدمة ... ذلَّت لوقعتها رقاب نزار(١٠)
(١) ديوانه ٢٥.
(٢) في الديوان: «ما إن بهم»، وتهليل: نكوص وفرار.
(٣) في س: «الخلق»، والمثبت من أ.
(٤) في هامش أ: «ليس عرقوب من الأوس، وإنما هو من العماليق، ولم يقل إنه من الأوس قائل، وإنما قيل: إنه من بني سعد». وفي شرح ديوان كعب ٨: «عرقوب بن نصر من العمالقة، نزل بالمدينة قبل أن ينزلها اليهود بعد عيسى».
(٥) ديوانه ٢٥.
(٦) المقنب: الجماعة من الفوارس، نحو الثلاثين أو أقل. وقيل: ألف، وقيل: أقل.
(٧) في الديوان: «يوم الهياج وقبة».
(٨) في الديوان: «والذائدين الناس».
(٩) في الديوان: «يتطهرون كأنه نسك لهم». والنسك: كل شيء ذبح في الحرم.
(١٠) في الديوان:
صدموا عليّا يوم بدر صدمة ... دانت عليّ بعدها لنزار
وقال في شرحه: هو علي بن بكر بن وائل، أبو قبيلة. ويقال: على أخو عبد مناة بن كنانة.