كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن الدمينة ونسبه

صفحة 66 - الجزء 17

  كذلك. ثم أمسك مدّة وصبر حتى ظنّ أن مزاحما قد نسي القصّة، ثم أعاد عليها القول، وأعادت الحلف أنّ ذلك مما وصفه له النساء. فقال لها: واللَّه لئن لم تمكَّنين منه لأقتلنّك. فعلمت أنه سيفعل ذلك، فبعثت إليه وواعدته ليلا، وقعد / له ابن الدّمينة وصاحب له، فجاءها للموعد، فجعل يكلَّمها وهي مكانها فلم تكلمه، فقال لها:

  يا حمّاء، ما هذا الجفاء الليلة؟ قال: فتقول له هي بصوت ضعيف: ادخل، فدخل فأهوى بيده ليضعها عليها، فوضعها على ابن الدّمينة، فوثب عليه هو وصاحبه، وقد جعل له حصى في ثوب، فضرب بها كبده حتى قتله، وأخرجه فطرحه ميّتا، فجاء أهله فاحتملوه، ولم يجدوا به أثر السلاح، فعلموا أنّ ابن الدّمينة قتله.

  يهجو سلولا

  قال الزّبير في حديثه: وقد قال ابن الدّمينة في تحقيق ذلك⁣(⁣١):

  قالوا: هجتك سلول اللَّؤم مخفية ... فاليوم أهجو سلولا لا أخافيها

  قالوا: هجاك سلوليّ، فقلت لهم: ... قد أنصف الصّخرة الصّماء راميها

  رجالهم شرّ من يمشي ونسوتهم ... شرّ البريّة واست ذلّ حاميها

  يحككن بالصّخر أستاها بها نقب ... كما يحكّ نقاب الجرب طاليها

  / قال: وقال أيضا يذكر دخول مزاحم ووضعه يده عليه:

  لك الخير إن واعدت حمّاء فالقها ... نهارا، ولا تدلج إذا الليل أظلما

  فإنك لا تدري أبيضاء طفلة ... تعانق أم ليثا من القوم قشعما⁣(⁣٢)

  فلما سرى عن ساعديّ ولحيتي ... وأيقن أني لست حمّاء جمجما

  يقتل امرأته وصغيرة له منها

  قالوا جميعا: ثم أتى ابن الدّمينة امرأته، فطرح على وجهها قطيفة، ثم جلس عليها حتى قتلها، فلما ماتت قال⁣(⁣٣):

  إذا قعدت على عرنين جارية ... فوق القطيفة فادعوا لي بحفّار

  / فبكت بنيّة له منها، فضرب بها الأرض فقتلها، وقال متمثلا: «لا تتخذنّ⁣(⁣٤) من كلب سوء جروا⁣(⁣٥)».

  أخو المقتول يستعدي الوالي

  قال الزّبير في خبره، عن عمّه مصعب، عن حميد بن أنيف، قال:

  فخرج جناح أخو المقتول إلى أحمد بن إسماعيل فاستعداه على ابن الدّمينة، فبعث إليه فحبسه.


(١) ديوانه ٨، معاهد التنصيص ١٦٧.

(٢) في المختار: «ضيغما».

(٣) ديوانه ١٨٢، معاهد التنصيص ١٦٧.

(٤) في أ، والمعاهد: «لا تغذوا» وفي المستقصى: «لا تقتن».

(٥) المستقصى ٢/ ٢٥٨ رقم ٨٩٢.