كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن الدمينة ونسبه

صفحة 67 - الجزء 17

  أم المقتول تحضض أخويه على الثأر

  وقالوا جميعا: قالت أمّ أبان والدة مزاحم بن عمرو المقتول، وهي من خثعم، ترثي ابنها، وتحضّض مصعبا وجناحا أخويه⁣(⁣١):

  بأهلي ومالي، بل بحلّ عشيرتي ... قتيل بني تيم بغير سلاح

  فهلَّا قتلتم بالسّلاح ابن أختكم ... فتظهر فيه للشهود جراح

  فلا تطمعوا في الصلح ما دمت حيّة ... وما دام حيّا مصعب وجناح

  ألم تعلموا أنّ الدّوائر بيننا ... تدور، وأنّ الطالبين شحاح

  اشتداد الشربين خثعم وبني سلول

  قالوا: فلما طال حبسه، ولم يجد عليه أحمد بن إسماعيل سبيلا ولا حجّة خلَّاه، وقتلت بنو سلول رجلا من خثعم مكان المقتول، وقتلت خثعم بعد ذلك نفرا من سلول. ولهم في ذلك قصص وأشعار كثيرة.

  مقتله

  قالوا: وأقبل ابن الدّمينة حاجّا بعد مدّة طويلة، فنزل بتبالة⁣(⁣٢)، فعدا عليه مصعب أخو المقتول لمّا رآه، وقد كانت أمّه حرّضته عليه، وقالت: اقتل ابن الدّمينة، فإنه قتل أخاك، وهجا قومك، وذمّ أختك، / وقد كنت أعذرك قبل هذا، لأنك كنت صغيرا، وقد كبرت الآن. فلما أكثرت عليه خرج من عندها، وبصر بابن الدّمينة واقفا ينشد الناس، فغدا إلى جزّار فأخذ شفرته، وعدا على ابن الدّمينة، فجرحه جراحتين، فقيل: إنه مات لوقته. وقيل: بل سلم تلك الدّفعة، ومرّ به مصعب بعد ذلك وهو في سوق العبلاء ينشد، فعلاه بسيفه حتى قتله، وعدا وتبعه الناس حتّى اقتحم دارا وأغلقها على نفسه، فجاءه رجل من قومه فصاح به: يا مصعب، إن لم تضع يدك في يد السلطان قتلتك العامّة فأخرج، فلما عرفه قال له: أنا في ذمّتك حتى تسلَّمني إلى السلطان؟ قال: نعم، فخرج إليه ووضع يده في يده، فسلَّمه إلى السلطان، فقذفه في سجن تبالة.

  يحرض قومه ويوبخهم

  قال السّكَّريّ في خبره: ومكث ابن الدّمينة جريحا ليلته، ومات في غد، فقال في تلك الليلة يحرّض قومه⁣(⁣٣) ويوبخهم:

  هتفت بأكلب ودعوت قيسا ... فلا خذلا دعوت ولا قليلا

  تأرت مزاحما وسررت قيسا ... وكنت لما هممت به فعولا

  / فلا تشلل يداك ولا تزالا ... تفيدان الغنائم والجزيلا

  فلو كان⁣(⁣٤) ابن عبد اللَّه حيّا ... لصبّح في منازلها سلولا


(١) «ديوان»: ٨، و «المعاهد»: ١/ ١٦٨.

(٢) بلد باليمن.

(٣) ديوان ١٠ - «معاهد التنصيص»: ١/ ١٦٩.

(٤) ابن عبد اللَّه، هو رزق بن عبد اللَّه الخثعمي ابن الدمينة.