كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب أبي قيس بن الأسلت وأخباره

صفحة 82 - الجزء 17

  سليم⁣(⁣١) بن أسد القرظيّ - / وهو جدّ محمد بن كعب القرظيّ - فخلَّى عنه، وأطلق ناس من الخزرج نفرا فلحقوا بأهليهم، فناوشت الأوس الخزرج يوم قتل الرهن شيئا من قتال غير كبير.

  اجتماع قريظة والنضير على معاونة الأوس على الخزرج

  واجتمعت قريظة والنّضير إلى كعب بن أسد، أخي بني عمرو بن قريظة، ثم توامروا أن يعينوا الأوس على الخزرج؛ فبعث إلى الأوس بذلك.

  بنو قريظة والنضير يؤوون النبيت في دورهم

  ثمّ أجمعوا عليه، على أن ينزل كلّ أهل بيت من النّبيت⁣(⁣٢) على بيت من قريظة والنضير، فنزلوا معهم في دورهم، وأرسلوا إلى النّبيت يأمرونهم بإتيانهم، وتعاهدوا ألَّا يسلموهم أبدا، وأن يقاتلوا معهم حتى لا يبقى منهم أحد. فجاءتهم النّبيت فنزلوا مع⁣(⁣٣) قريظة والنّضير في بيوتهم، ثم أرسلوا إلى سائر الأوس في الحرب والقيام معهم على الخزرج، فأجابوهم إلى ذلك. فاجتمع الملأ منهم، واستحكم أمرهم، وجدّوا في حربهم، ودخلت معهم قبائل من أهل المدينة، منهم بنو ثعلبة - وهم من غسان - وبنو زعوراء، وهم من غسّان.

  مشاورة الخزرج عبد اللَّه بن أبيّ في حرب الأوس

  فلما سمعت بذلك الخزرج اجتمعوا، ثم خرجوا، وفيهم عمرو بن النعمان البياضيّ، وعمرو بن الجموح السّلميّ، حتى جاؤوا عبد اللَّه بن أبيّ، وقالوا له: قد كان الذي بلغك من أمر الأوس وأمر قريظة والنّضير واجتماعهم على حربنا، وإنّا نرى أن نقاتلهم، فإن هزمناهم لم يحرز أحد منهم معقله ولا ملجأه حتى لا يبقى منهم أحد.

  فلما فرغوا من مقالتهم قال عبد اللَّه بن أبيّ خطيبا وقال: إنّ هذا بغي / منكم على قومكم وعقوق، وو اللَّه ما أحبّ أنّ رجلا⁣(⁣٤) من جراد لقيناهم.

  تحذير عبد اللَّه بن أبيّ عاقبة الغدر

  وقد بلغني أنهم يقولون: هؤلاء قومنا منعونا الحياة أفيمنعوننا الموت! واللَّه إني أرى قوما لا ينتهون أو يهلكوا عامّتكم، وإني لأخاف إن قاتلوكم أن ينصروا عليكم لبغيكم عليهم، فقاتلوا قومكم كما تقاتلونهم، فإذا ولَّوا فخلَّوا عنهم، فإذا هزموكم فدخلتم أدنى البيوت خلَّوا عنكم. فقال له عمرو بن النعمان: انتفخ واللَّه سحرك⁣(⁣٥) يا أبا الحارث حين بلغك حلف الأوس قريظة والنضير! فقال عبد اللَّه: واللَّه لا حضرتكم أبدا، ولا أحد أطاعني أبدا، ولكأني أنظر إليك قتيلا تحملك أربعة في عباءة⁣(⁣٦).


(١) كذا في المختار، وهو يوافق ما في الإصابة، وفي الأصول: «سليمان».

(٢) النبيت: أبو حي باليمن، واسمه عمرو بن مالك. القاموس: «نبت»، وفي جمهرة أنساب العرب ٣١٩: النبيت بنو عمرو بن مالك بن الأوس.

(٣) كذا في (ج) والمختار. وفي ب. م: فنزلوا معهم.

(٤) الرجل من الجراد: القطعة العظيمة منه.

(٥) أصل السحر، بفتح فسكون: «الرئة». وانتفخ سحرك: جاوزت قدرك.

(٦) العباءة: كساء معروف. «القاموس».