خبر الحطيئة ونسبه
  قال: ثم لم تقنعه النّخيلات، وقد أقام فيهم زمانا فسألهم ميراثه كاملا من الأفقم فلم يعطوه شيئا وضربوه، فغضب عليهم وقال:
  تمنّيت بكرا أن يكونوا عمارتي(١) ... وقومي وبكر شرّ تلك القبائل
  إذا قلت بكريّ نبوتم(٢) بحاجتي ... فيا ليتني من غير بكر بن وائل
  فعاد إلى بني عبس وانتسب إلى أوس بن مالك. وقال الأصمعيّ في خبره: لما أتى أهل القريّة، وهم بنو ذهل، يطلب ميراثه من الأفقم مدحهم فقال:
  إنّ اليمامة خير ساكنها ... أهل القريّة من بني ذهل
  الضامنون لمال جارهم ... حتى يتمّ نواهض(٣) البقل
  قوم إذا انتسبوا ففرعهم ... فرعي وأثبت أصلهم أصلي
  قال: فلم يعطوه شيئا، فقال يهجوهم:
  إنّ اليمامة شرّ ساكنها ... أهل القريّة من بني ذهل
  تزوّجت أمه فهجاها
  وقال أبو اليقظان في خبره: كان الرجل الذي تزوّج أمّ الحطيئة أيضا ولد زنا اسمه الكلب بن كنيس(٤) بن جابر بن قطن بن نهشل، وكان كنيس(٤) زنى بأمة لزرارة يقال لها رشيّة، فولدت له الكلب ويربوعا، فطلبهم من زرارة فمنعه(٥) منهم، فلما مات طلبهم من أبيه لقيط فمنعه؛ وقال لقيط في ذلك:
  أفي نصف شهر ما صبرتم لحقّنا ... ونحن صبرنا قبل ذاك سنينا
  وهي أبيات. فتزوّج الكلب الضّرّاء أمّ الحطيئة؛ فهجاه الحطيئة وهجا أمّه فقال:
  ولقد رأيتك في النساء فسؤتني ... وأبا بنيك فساءني في المجلس
  إنّ الذليل لمن تزور ركابه ... رهط ابن جحش في الخطوب الحوّس(٦)
  قبح الاله قبيلة لم يمنعوا ... يوم المجيمر(٧) جارهم من فقعس(٨)
(١) العمارة بكسر العين وفتحها: أصغر من القبيلة، وترتيبها هكذا: الشعب أكثر من القبيلة ثم القبيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ ثم العشيرة ثم الفصيلة ثم الرهط.
(٢) نبوتم: تجافيتم وتباعدتم.
(٣) نواهض البقل: ما استوى منه، يقال: نهض النبت إذا استوى.
(٤) كذا في ب، س، ح. وفي م، أ: «الكبيش».
(٥) كذا في ح. وفي سائر النسخ: «فمنعهم منه».
(٦) كذا في أغلب النسخ. والحوّس: الأمور الشداد التي تنزل بالقوم وتغشاهم. وفي ح و «ديوانه» (النسخة المخطوطة الموجودة بدار الكتب المصرية تحت رقم ٣ أدب ش هكذا:
رهط ابن جحش في مضيق المحبس
(٧) قال ياقوت: المجيمر: جبل بأعلى مهل (ماء في ديار بني تميم) وقيل المجيمر: أرض لبني فزارة.
(٨) فقعس: حي من بني أسد.