خبر الحطيئة ونسبه
  أبلغ بني جحش(١) بأنّ نجارهم(٢) ... لؤم وأنّ أباهم كالهجرس(٣)
  وقال الحطيئة يهجو أمه:
  جزاك اللَّه شرّا من عجوز ... ولقّاك العقوق من البنين
  فقد ملَّكت(٤) أمر بنيك حتى ... تركتهم أدقّ من الطَّحين
  / فإن تخلى وأمرك لا تصولي ... بمشتدّ قواه ولا متين
  لسانك مبرد لا(٥) خير فيه ... ودرّك درّ جاذبة(٦) دهين
  / وقال يهجو أمه أيضا:
  تنحّي فاجلسي منّي بعيدا ... أراح اللَّه منك العالمينا
  أغر(٧) بالا إذا استودعت سرّا ... وكانونا(٨) على المتحدّثينا
  حياتك ما علمت حياة سوء ... وموتك قد يسرّ الصالحينا
  كان هجاء دنئ النفس فاسد الدين وذم نفسه
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرني عبد الرحمن ابن أخي الأصمعيّ عن عمه قال:
  كان الحطيئة جشعا سؤولا ملحفا، دنئ النفس، كثير الشرّ، قليل الخير، بخيلا، قبيح المنظر، رثّ الهيئة، مغموز النسب، فاسد الدّين، وما تشاء أن تقول في شعر شاعر من عيب إلَّا وجدته، وقلَّما تجد ذلك في شعره.
  أخبرني ابن دريد قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: بخلاء العرب أربعة: الحطيئة، وحميد الأرقط، وأبو الأسود الدّوليّ، وخالد بن صفوان.
  أخبرنا ابن دريد قال حدّثنا أبو حاتم قال قال أبو عبيدة: كان الحطيئة بذيّا هجّاء، فالتمس ذات يوم إنسانا يهجوه فلم يجده، وضاق عليه ذلك فأنشأ يقول:
  أبت شفتاي اليوم إلا تكلَّما ... بشرّ فما أدري لمن أنا قائله
(١) في «ديوانه» و «اللسان» مادة هجرس: «أبلغ بني عبس».
(٢) النجار: الحسب والأصل.
(٣) الهجرس: ولد الثعلب أو القرد، وقد يوصف به اللئيم.
(٤) الذي في «الديوان» و «لسان العرب» مادة «سوس»:
لقد سوّست أمر بنيك حتى
يقال: سوّس الرجل أمور الناس (على ما لم يسمّ فاعله) إذا ملك أمرهم.
(٥) كذا في أغلب النسخ. وفي ح و «اللسان»: «لا عيب فيه». وفي «الديوان»: «لسانك مبرد لم يبق شيئا».
(٦) كذا في «الديوان» و «لسان العرب». والجاذبة: الناقة التي جذبت لبنها من ضرعها فذهب صاعدا. والدهين من الإبل: الناقة البكيئة القليلة اللبن التي يمرى ضرعها فلا يدرّ قطرة. وفي جميع النسخ: «جارية دهين».
(٧) الغربال: النمام.
(٨) الكانون: الثقيل الوخم من الناس.