كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر مقتل حجر بن عدي

صفحة 94 - الجزء 17

  رجع الحديث إلى سياقه الأول

  أمر زياد بعض القبائل أن يأتوه به

  قال: فقال زياد - وهو على المنبر - لتقم همدان وتميم وهوازن وأبناء بغيض ومذحج وأسد وغطفان فليأتوا جبّانة كندة، وليمضوا من ثمّ إلى حجر، فليأتوني به. ثم كره أن تسير مضر مع / اليمن، فيقع شغب واختلاف، أو تنشب الحميّة فيما بينهم. فقال: لنقم تميم وهوازن وأبناء بغيض وأسد وغطفان، ولتمض مذحج وهمدان إلى جبّانة كندة، ثم ليمضوا إلى حجر فليأتوني به، وليسر أهل اليمن حتى ينزلوا جبّانة الصيداويين⁣(⁣١)، وليمضوا إلى صاحبهم فليأتوني به.

  فخرجت الأزد وبجيلة وخثعم والأنصار وقضاعة وخزاعة، فنزلوا جبّانة الصيداويين، ولم تخرج حضرموت مع اليمن لمكانهم من كندة.

  عبد الرحمن بن مخنف يشير على أهل اليمن يرأي

  قال أبو مخنف: فحدثني سعيد⁣(⁣٢) بن يحيى بن مخنف، عن محمد بن مخنف، قال: فإني لمع أهل اليمن وهم يتشاورون في أمر حجر، فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف: أنا مشير عليكم برأي، فإن قبلتموه رجوت أن تسلموا من اللائمة والإثم: أن تلبّثوا قليلا حتى تكفيكم عجلة في شباب مذحج وهمدان ما تكرهون أن يكون⁣(⁣٣) من مساءة قومكم في صاحبكم.

  / فأجمع رأيهم على ذلك، فلا واللَّه ما كان إلَّا كلا ولا⁣(⁣٤) حتى أتينا فقيل لنا: إنّ شباب مذحج وهمدان قد دخلوا، فأخذوا كلّ ما وجدوا في بني بجيلة.

  حجر يشير على أصحابه أن ينصرفوا عنه

  قال: فمرّ أهل اليمن على نواحي دور كندة معذّرين، فبلغ ذلك زيادا، فأثنى على مذحج وهمدان، وذمّ أهل اليمن. فلما انتهى حجر إلى داره ورأى قلَّة من معه قال لأصحابه: انصرفوا، فواللَّه ما لكم طاقة بمن اجتمع عليكم من قومكم، وما أحبّ أن أعرّضكم للهلاك. فذهبوا لينصرفوا، فلحقتهم أوائل خيل مذحج وهمدان، فعطف عليهم عمير بن يزيد، وقيس بن يزيد، وعبيدة بن عمرو، وجماعة، فتقاتلوا معهم، فقاتلوا عنه ساعة فجرحوا، وأسر قيس بن يزيد، وأفلت سائر القوم، فقال لهم حجر: لا أبا لكم! تفرّقوا لا تقتلوا؛ فإنّي آخذ في بعض هذه الطرق.

  يدخل دار سليمان بن يزيد ثم يخرج منها إلى دور بني العنبر

  ثم أخذ نحو طريق بني حرب⁣(⁣٥) من كندة، حتى أتى دار رجل منهم يقال له سليمان⁣(⁣٦) بن يزيد، فدخل داره،


(١) بنو الصيداء: حي من أسد. وفي أ: «الصائدين»، وكذلك في الطبري.

(٢) الطبري: «يحيى بن سعيد».

(٣) في المختار: «تلوه»، وفي الطبري: «أرى لكم أن تلبثوا قليلا، فإن سرعان شباب همدان ومذحج يكفونكم ما تكرهون أن تلوا من مساءة ...».

(٤) كلا ولا، أي مدة قليلة كز من النطق بهذين الحرفين.

(٥) أ: «حوت»، وفي المختار: «طريق بني كعب»، والمثبت يوافق ما في الطبري أيضا.

(٦) الطبري: «سليم بن زيد»، والمثبت يوافق ما في المختار أيضا.