كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر مقتل حجر بن عدي

صفحة 96 - الجزء 17

  الأرض، ثم رفعوه فألقوه، ففعل به ذلك مرارا، فقام إليه حجر بن يزيد، فقال: أولم تؤمّنه؟ قال: بلى، لست أهريق له دما، ولا آخذ له مالا. فقالا: هذا يشفي به على الموت.

  وقام كلّ من كان عنده من أهل اليمن، فكلَّموه فيه، فقال: أتضمنونه لي بنفسه متى⁣(⁣١) أحدث حدثا أتيتموني به؟ قالوا: نعم. فخلَّى سبيله.

  يطلب من ابن الأشعث أن يسأل زيادا الأمان له حتى يأتي معاوية

  ومكثل حجر في منزل ربيعة بن ناجذ⁣(⁣٢) يوما وليلة، ثم بعث إلى / ابن الأشعث غلاما يدعى رشيدا من سبي أصبهان، فقال له: إنه قد بلغني ما استقبلك به هذا الجبّار العنيد، فلا يهولنّك شيء من أمره؛ فإني خارج إليك، فاجمع نفرا من قومك، وادخل عليه، واسأله أن يؤمنّني حتى يبعثني إلى معاوية، فيرى فيّ رأيه.

  زياد يأمر بحبسه

  فخرج محمد إلى حجر بن يزيد، وجرير بن عبد اللَّه، وعبد اللَّه أخي الأشتر، فدخلوا إلى زياد فطلبوا إليه فيما سأله حجر، فأجاب، فبعثوا إليه رسولا يعلمونه بذلك. فأقبل حتى دخل على زياد، فقال له: مرحبا يا أبا عبد الرحمن، حرب في أيام الحرب، وحرب وقد سالم الناس! «على نفسها تجني براقش»⁣(⁣٣)، فقال له: ما خلعت يدا عن طاعة، ولا فارقت جماعة، وإني لعلى بيعتي. فقال: هيهات يا حجر، أتشج بيد وتأسو بأخرى، وتريد إذا أمكننا اللَّه منك أن ترضى! هيهات واللَّه! فقال⁣(⁣٤): ألم تؤمنني حتى آتي معاوية، فيرى فيّ رأيه. قال: بلى، انطلقوا به إلى السجن.

  زياد يطلب رؤوس أصحاب حجر

  فلما مضي به قال: أما واللَّه لولا أمانه ما برح حتى يلقط عصبه⁣(⁣٥). فأخرج وعليه برنس في غداة باردة، فحبس عشر ليال، وزياد ماله عمل غير الطلب لرؤوس أصحاب حجر.

  عمرو بن الحمق ورفاعة بن شداد يكمنان في جبل بالموصل

  فخرج عمرو بن الحمق، ورفاعة بن شدّاد حتى نزلا المدائن، ثم ارتحلا حتى أتيا الموصل، فأتيا جبلا فكمنا فيه، وبلغ عامل ذلك الرّستاق⁣(⁣٦) - وهو رجل من همدان يقال له عبيد اللَّه⁣(⁣٧) بن أبي بلتعة - خبرهما، / فسار إليهما في الخيل، ومعه أهل البلد، فلما انتهى إليهما خرجا، فأمّا عمرو فكان بطنه قد استسقى⁣(⁣٨)، فلم يكن عنده امتناع.


(١) الطبري: «فمتى أحدث».

(٢) انظر ص ١٤١ حاشية ٢.

(٣) هامش أ: براقش: اسم كلب دل بنباحه قوما على أربابه فهلكوا. وفي «اللسان» (برقش) أقوال أخرى في مضرب المثل.

(٤) أ: «قال».

(٥) أي حتى يقتل.

(٦) الرستاق: الناحية في طرف الإقليم والقرى.

(٧) ح، والطبري: عبد اللَّه.

(٨) استسقى: أصابه السقي، بفتح السين وكسرها، وهو ماء يقع في البطن.