كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر مقتل حجر بن عدي

صفحة 97 - الجزء 17

  عمرو بن الحمق يقع أسيرا ورفاعة ينجو ينفسه

  وأما رفاعة فكان شابّا قويا فوثب على فرس له جواد، وقال لعمرو: أقاتل عنك. قال: وما ينفعني أن تقتل؟

  انج بنفسك، فحمل عليهم، فأخرجوا له حتى / أخرجه فرسه، وخرجت الخيل في طلبه، وكان راميا فلم يلحقه فارس إلَّا رماه، فجرحه أو عقره، فانصرفوا عنه؛ فأخذ⁣(⁣١) عمرو بن الحمق، فسألوه: من أنت؟ فقال: من إن تركتموه كان أسلم لكم، وإن قتلتموه كان أضرّ عليكم، فسألوه فأبى أن يخبرهم، فبعثوا به إلى عبد الرحمن بن عثمان، وهو ابن أمّ الحكم، الثقفيّ، فلما رأى عمرا عرفه.

  معاوية يأمر بقتل عمرو بن الحمق

  فكتب إلى معاوية بخبره. فكتب إليه معاوية: إنه زعم أنه طعن عثمان تسع طعنات، وإنه لا يتعدى⁣(⁣٢) عليه، فأطعنه تسع طعنات كما طعن عثمان.

  رأس ابن الحمق يحمل إلى معاوية

  فأخرج فطعن تسع طعنات، فمات في الأولى منهن أو في الثانية، وبعث برأسه إلى معاوية؛ فكان رأسه أوّل رأس حمل في الإسلام.

  زياد يطلب من صيفي بن فسيل أن يعلن عليا فيأبى

  وجدّ زياد في طلب أصحاب حجر وهم يهربون منه، ويأخذ من قدر عليه منهم، فجاء قيس بن عبّاد الشيباني إلى زياد، فقال له: إن امرأ منّا يقال له صيفيّ بن فسيل⁣(⁣٣)، من رؤوس أصحاب حجر، وهو أشدّ الناس عليك؛ فبعث إليه فأتي به، فقال له زياد: يا عدوّ اللَّه، ما تقول في أبي تراب؟ / فقال: ما أعرف أبا تراب، قال: ما أعرفك به! أما تعرف عليّ بن أبي طالب! قال: بلى، قال: فذاك أبو تراب، قال: كلَّا، فذاك أبو الحسن والحسين. فقال له صاحب الشرطة: أيقول لك الأمير هو أبو تراب وتقول أنت: لا! قال: أفإن كذب الأمير أردت أن أكذب وأشهد له بالباطل كما شهد! قال له زياد: وهذا أيضا مع ذنبك، عليّ بالعصيّ فأتي بها، فقال: ما قولك في عليّ! قال: أحسن قول أنا قائله في عبد من عبيد اللَّه أقوله في أمير المؤمنين. قال: اضربوا عاتقه بالعصيّ حتى يلصق بالأرض، فضرب سى لصق بالأرض. ثم قال: أقلعوا عنه، ما قولك فيه؟ قال: واللَّه لو شرّحتني بالمدي والمواسي ما زلت⁣(⁣٤) عمّا سمعت. قال: لتلعنّنه أو لأضربنّ عنقك. قال: إذا واللَّه تضربها قبل ذلك، فأسعد وتشقى إن شاء اللَّه، قال: أو قروه حديدا واطرحوه في السجن.

  زياد يأمر رؤوس الأرباع أن يشهدوا على حجر وأصحابه

  وجمع زياد من أصحاب حجر بن عديّ اثني عشر رجلا في السجن، وبعث إلى رؤوس الأرباع فأشخصهم، فحضروا، وقال: اشهدوا على حجر بما رأيتموه، وهم عمرو بن حريث، وخالد بن عرفطة، وقيس بن الوليد بن


(١) المختار: «فأخذوا».

(٢) الطبري: وإنا لا نريد أن نعتدي عليه. وفي المختار:» وإنا لا نتعدى عليه.

(٣) المختار: «قسيل»، والمثبت يوافق ما في الطبري أيضا. وفي المختار: ٣: ٣١٧، «قشيل» قال محققه: وفي تاريخ الإسلام للذهبي:

٢/ ٢٩٣: «قشيل - بالقاف - أو فشيل الربعي، كوفي من شيعة علي، قتل صبرا مع حجر».

(٤) الطبري: ما قلت إلا ما سمعت.