كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر مقتل حجر بن عدي

صفحة 98 - الجزء 17

  عبد شمس بن المغيرة، وأبو بردة بن أبي موسى، فشهدوا أنّ حجرا جمع إليه الجموع، وأظهر شتم الخليفة، وعيب زياد، وأظهر عذر أبي تراب والترحّم عليه، والبراءة من عدوّه، وأهل حربه، وأن هؤلاء الذين معه رؤوس أصحابه، وعلى مثل رأيه.

  فنظر زياد في الشهادة فقال: ما أظنّ هذه شهادة قاطعة، وأحبّ أن يكون الشهود أكثر من أربعة.

  فكتب أبو بردة بن أبي موسى:

  «. هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى / للَّه ربّ العالمين، شهد أنّ حجر بن عديّ خلع الطاعة، وفارق الجماعة، ولعن ودعا إلى الحرب والفتنة، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة، وخلع أمير المؤمنين معاوية، وكفر باللَّه كفرة صلعاء».

  فقال زياد: على مثل هذه الشهادة فاشهدوا، واللَّه لأجهدنّ في قطع عنق الخائن الأحمق، فشهد رؤوس الأرباع الثلاثة الآخرون على مثل ذلك، ثم دعا الناس، فقال: اشهدوا على مثل ما شهد عليه رؤوس الأرباع.

  فقام عثمان بن شرحبيل التيميّ أوّل الناس، فقال: / اكتبوا اسمي. فقال زياد: ابدؤا بقريش، ثم اكتبوا اسم من نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالصحة والاستقامة. فشهد إسحاق وموسى وإسماعيل بنو طلحة بن عبيد اللَّه، والمنذر بن الزبير، وعمارة بن عقبة، وعبد الرحمن بن هبّار، وعمر بن سعد بن أبي وقاص، وشهد عنان⁣(⁣١)، ووائل بن حجر الحضرميّ، وضرار بن هبيرة، وشدّاد بن المنذر أخو الحضين بن المنذر، وكان يدعى ابن بزيعة.

  فكتب شداد بن بزيعة، فقال: أما لهذا أب ينسب إليه، ألغوا هذا من الشهود. فقيل له: إنه أخو الحضين بن المنذر، فقال: انسبوه إلى أبيه، فنسب، فبلغ ذلك شدّادا، فقال: والهفاه على ابن الزّانية؟ أو ليست أمّه أعرف من أبيه؛ فو اللَّه ما ينسب إلَّا إلى أمّه سميّة.

  وشهد حجّار بن أبجر العجلي، وعمرو بن الحجاج، ولبيد بن عطارد، ومحمد بن عمير بن عطارد، وأسماء بن خارجة، وشمر بن ذي الجوشن، وزحر بن قيس الجعفيّ، وشبث بن ربعيّ، وسماك بن مخرمة الأسديّ صاحب مسجد سماك، ودعا المختار بن أبي عبيد⁣(⁣٢)، وعروة بن المغيرة بن شعبة / إلى الشهادة فراغا، وشهد سبعون رجلا.

  وائل بن حجر وكثير بن شهاب يذهبان إلى معاوية بكتاب زياد ومعهما جماعة من أصحاب حجر

  ودفع ذلك إلى وائل بن حجر، وكثير بن شهاب، وبعثهما عليهما وأهما⁣(⁣٣) أن يخرجوهم.

  وكتب في الشهود شريح بن الحارث، وشريح بن هانئ. فأما شريح بن الحارث فقال: سألني عنه فقلت: أما إنه كان صوّاما قوّاما. وأما شرح بن هانئ فقال: بلغني أنّ شهادتي كتبت فأكذبته، ولمته.

  وجاء وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأخرجا القوم عشيّة، وسار معهم أصحاب الشّرط حتى أخرجوهم، فلما


(١) أ: «عفان»، وفي الطبري: «عنان بن شرحبيل».

(٢) المختار: «ابن عبيدة»، والمثبت يوافق ما في الطبري أيضا.

(٣) أ: «وأمرهم».