أخبار لعمر بن أبي ربيعة
  خبر آخر لسعدى بنت عبد الرحمن معه
  أخبرني حرميّ، عن الزبير، عن محمّد بن سلَّام، قال:
  كانت سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف جالسة في المسجد الحرام، فرأت عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت، فأرسلت إليه: إذا فرغت من طوافك، فائتنا، فأتاها، فقالت: ألا أراك يا بن أبي ربيعة إلَّا سادرا في حرم اللَّه! أما تخاف اللَّه! ويحك إلى متى هذا السّفه! قال: أي هذه، دعي عنك هذا من القول. أما سمعت ما قلت فيك؟ قالت:
  لا، فما قلت؟ فأنشدها قوله(١):
  صوت
  قالت سعيدة(٢) والدموع ذوارف ... منها على الخدّين والجلباب
  ليت المغيريّ الذي لم أجزه ... فيما أطال تصيّدي(٣) وطلابي
  كانت تردّ لنا المنى أيامنا ... إذ لا نلام على هوى وتصابي
  أسعيد(٤) ما ماء الفرات وطيبه ... منّي على ظمأ وحبّ شراب
  / بألذّ منك وإن نأيت وقلَّما ... يرعى النساء أمانة الغيّاب
  عروضه من الكامل، غنّاه الهذليّ رملا بالوسطى، عن الهشاميّ، وغنّاه الغريض خفيف ثقيل بالوسطى، عن عمرو.
  فقالت: أخزاك اللَّه يا فاسق، ما علم اللَّه أنّى قلت مما قلت حرفا، ولكنك إنسان بهوت(٥).
  وهذا الشعر تغنّي فيه:
  قالت سكينة والدموع ذوارف
  وفي موضع:
  أسعيد ما ماء الفرات وبرده
  أسكين. وإنما غيّره المغنّون: ولفظ عمر ما ذكر فيه في الخبر.
  إسحاق يغني الرشيد شعر عمر في سكينة
  وقد أخبرني إسماعيل بن يونس، عن ابن شبّة، عن إسحاق، قال: غنّيت الرشيد يوما بقوله:
  /
  قالت سكينة والدموع ذوارف ... منها على الخدّين والجلباب
  فوضع القدح من يده وغضب غضبا شديدا، وقال: لعنه اللَّه الفاسق، ولعنك معه. فسقط في يدي، وعرف
(١) ديوانه ١١٩.
(٢) الديوان: «سكينة».
(٣) س: «تصعدي».
(٤) الديوان: «أسكين».
(٥) بهته، كمنعه: قال عليه ما لم يقل. والبهوت: المباهت.