كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار لعمر بن أبي ربيعة

صفحة 105 - الجزء 17

  خبر آخر لسعدى بنت عبد الرحمن معه

  أخبرني حرميّ، عن الزبير، عن محمّد بن سلَّام، قال:

  كانت سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف جالسة في المسجد الحرام، فرأت عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت، فأرسلت إليه: إذا فرغت من طوافك، فائتنا، فأتاها، فقالت: ألا أراك يا بن أبي ربيعة إلَّا سادرا في حرم اللَّه! أما تخاف اللَّه! ويحك إلى متى هذا السّفه! قال: أي هذه، دعي عنك هذا من القول. أما سمعت ما قلت فيك؟ قالت:

  لا، فما قلت؟ فأنشدها قوله⁣(⁣١):

  صوت

  قالت سعيدة⁣(⁣٢) والدموع ذوارف ... منها على الخدّين والجلباب

  ليت المغيريّ الذي لم أجزه ... فيما أطال تصيّدي⁣(⁣٣) وطلابي

  كانت تردّ لنا المنى أيامنا ... إذ لا نلام على هوى وتصابي

  أسعيد⁣(⁣٤) ما ماء الفرات وطيبه ... منّي على ظمأ وحبّ شراب

  / بألذّ منك وإن نأيت وقلَّما ... يرعى النساء أمانة الغيّاب

  عروضه من الكامل، غنّاه الهذليّ رملا بالوسطى، عن الهشاميّ، وغنّاه الغريض خفيف ثقيل بالوسطى، عن عمرو.

  فقالت: أخزاك اللَّه يا فاسق، ما علم اللَّه أنّى قلت مما قلت حرفا، ولكنك إنسان بهوت⁣(⁣٥).

  وهذا الشعر تغنّي فيه:

  قالت سكينة والدموع ذوارف

  وفي موضع:

  أسعيد ما ماء الفرات وبرده

  أسكين. وإنما غيّره المغنّون: ولفظ عمر ما ذكر فيه في الخبر.

  إسحاق يغني الرشيد شعر عمر في سكينة

  وقد أخبرني إسماعيل بن يونس، عن ابن شبّة، عن إسحاق، قال: غنّيت الرشيد يوما بقوله:

  /

  قالت سكينة والدموع ذوارف ... منها على الخدّين والجلباب

  فوضع القدح من يده وغضب غضبا شديدا، وقال: لعنه اللَّه الفاسق، ولعنك معه. فسقط في يدي، وعرف


(١) ديوانه ١١٩.

(٢) الديوان: «سكينة».

(٣) س: «تصعدي».

(٤) الديوان: «أسكين».

(٥) بهته، كمنعه: قال عليه ما لم يقل. والبهوت: المباهت.