ذكر نسب الربيع بن زياد
  نحن بنو أمّ البنين الأربعة(١) ... ومن خيار عامر بن صعصعه(٢)
  المطعمون الجفنة المدعدعه ... والضاربون الهام تحت الخيضعه(٣)
  يا واهب الخير الكثير من سعة ... إليك جاوزنا بلادا مسبعه
  يخبر(٤) عن هذا خبير فاسمعه ... مهلا - أبيت اللَّعن - لا تأكل معه
  إنّ استه من برص ملمّعه ... وإنه يدخل فيها إصبعه(٥)
  يدخلها حتى يواري أشجعه ... كأنما يطلب شيئا أطمعه(٦)
  فلما فرغ من إنشاده التفت النعمان إلى الربيع شزرا يرمقه، فقال: / أكذا أنت؟ قال: لا، واللَّه، لقد كذب عليّ ابن الحمق اللئيم. فقال النعمان: أفّ لهذا الغلام، لقد خبّث عليّ طعامي. فقال: أبيت اللعن، أما إني لقد فعلت بأمّه. فقال لبيد: أنت لهذا الكلام أهل، وهي من نساء غير فعل(٧)، وأنت المرء فعل هذا بيتيمة في حجره.
  فأمر النعمان ببني جعفر فأخرجوا. وقام الرّبيع فانصرف إلى منزله، فبعث إليه النعمان بضعف ما كان يحبوه به، وأمره بالانصراف إلى أهله.
  وكتب إليه الربيع: إني قد تخوّفت أن يكون قد وقر في صدرك ما قاله لبيد، ولست برائم حتى تبعث من يجرّدني فيعلم من حضرك من الناس أنّي لست كما قال. فأرسل إليه: إنك لست صانعا بانتفائك ممّا قال لبيد شيئا، ولا قادرا على ما زلَّت به الألسن، فالحق بأهلك. فقال الربيع(٨):
  لئن رحلت جمالي إنّ لي(٩) سعة ... ما مثلها سعة عرضا ولا طولا
  / بحيث لو وزنت لخم بأجمعها ... لم يعدلوا ريشة من ريش سمويلا(١٠)
  ترعى الرّوائم أحرار البقول بها ... لا مثل رعيكم ملحا وغسويلا(١١)
  فابرق بأرضك يا نعمان متّكئا ... مع النطاسيّ يوما وابن توفيلا
  فكتب إليه النعمان(١٢):
  شرّد برحلك عني حيث شئت ولا ... تكثر عليّ ودع عنك الأباطيلا
(١) أم البنين؛ هي ليلى بنت عامر. قال المرتضى: هي بنت عمرو بن عامر بن ربيعة، وكانت تحت مالك بن جعفر، فولدت له عامر بن مالك، وطفيل بن مالك، وربيعة بن مالك، ومعاوية بن مالك.
(٢) في الديوان: ونحن خير عامر بن صعصعة.
(٣) المدعدعة: المملوءة. الخيضعة: البيضة التي تلبس على الرأس. والخيضعة أيضا: اختلاط الأصوات في الحرب.
(٤) في الديوان: يخبرك.
(٥) الملمع: الذي يكون في جسده بقع تخالف سائر لونه.
(٦) في الديوان: «شيئا ضيعه». والأشجع: واحد الأشاجع وهي أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف.
(٧) أي غير فاعلات المنكر.
(٨) الأبيات الثلاثة الأول في «اللسان» (سمل)، وهي أيضا في الخزانة ٢: ٧٩.
(٩) «اللسان»: «لا إلى سعة».
(١٠) س والخزانة: «سمويلا» بالسين. وسمويل: طائر، وقيل: بلدة كثيرة الطير. وفي «بيروت»: شمويلا، بالشين المعجمة.
(١١) الغسويل: نبت ينبت في السباخ.
(١٢) الأبيات في الخزانة ٤: ٧، والكتاب ١: ١٣١.