كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب الربيع بن زياد

صفحة 123 - الجزء 17

  /

  فقد ذكرت به والركب حامله ... وردا يعلَّل أهل الشام والنّيلا⁣(⁣١)

  فما انتفاؤك منه بعد ما جزعت ... هوج المطيّ به إبراق شمليلا⁣(⁣٢)

  قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا ... فما اعتذارك من شيء إذا قيلا

  فالحق بحيث رأيت الأرض واسعة ... وانشر بها الطَّرف إن عرضا وإن طولا

  داحس والغبراء

  وأما الشعر الذي فيه الغناء فإنّ الربيع بن زياد يقوله⁣(⁣٣) في مقتل مالك بن زهير. وكان قتله في بعض تلك الوقائع التي يعرف مبدؤها بداحس والغبراء.

  وكان السبب في ذلك، فيما أخبرني به عليّ بن سليمان الأخفش، ومحمد بن العباس اليزيديّ، قالا: حدثنا أبو سعيد السكريّ، عن محمد بن حبيب وأبي غسان دماذ، عن أبي عبيدة، وإبراهيم بن سعدان، عن أبيه، قال:

  كان من حديث داحس أنّ أمّه فرس كانت لقرواش بن عوف بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع يقال لها:

  جلوى، وكان أبوه يسمى ذا العقّال، وكان لحوط بن أبي جابر بن أوس بن حميريّ بن رياح؛ وإنما سمّي داحسا لأنّ بني يربوع احتملوا ذات يوم سائرين في نجعة، وكان ذو العقّال مع ابنتي حوط بن أبي جابر بن أوس تجنبانه، فمرّتا به على جلوى فرس قرواش وديقا⁣(⁣٤)؛ فلما رآها الفرس ودى وصهل، فضحك شبّان من الحي رأوه، / فاستحيت الفتاتان فأرسلتاه فنزا على جلوى، فوافق قبولها فأقصّت⁣(⁣٥)، ثم أخذه لهما بعض الحيّ، فلحق بهما حوط، وكان رجلا شريرا سيّئ الخلق، فلما نظر إلى عين الفرس قال: واللَّه لقد نزا فرسي؛ فأخبراني ما شأنه، فأخبرتاه الخبر، فقال: يا آل رياح، لا واللَّه لا أرضى أبدا حتى أخرج ماء فرسي، فقال له بنو ثعلبة: واللَّه ما استكرهنا فرسك؛ إنما كان منفلتا، فلم يزل الشرّ بينهما حتى عظم.

  فلما رأى ذلك بنو ثعلبة قالوا: دونكم ماء فرسكم؛ فسطا عليها وأدخل يده في ماء وتراب، ثم أدخلها في رحمها حتى ظنّ أنه قد أخرج الماء، واشتملت الرحم على ما كان فيها، فنتجها قرواش مهرا، فسماه داحسا لذلك، وخرج كأنه أبوه ذو العقّال. وفيه يقول جرير⁣(⁣٦):

  إنّ الجياد يبتن حول خبائنا ... من آل أعوج أو لذي العقّال


(١) في الخزانة:

فقد رميت بداء لست غاسله ... ما جاور السيل أهل الشام والنيلا

ثم روى الشطر الأول كما رواه الأغاني.

(٢) البيت في البكري ٨٠٩، وقال: شمليل: بلد، وأنشد البيت، وفي أ: «خرعت»، وفيه: «عوج المطي»، وفي الخزانة: «بعد ما قطعت ... أكنافها شمليلا».

(٣) ب، س، ج: «وهذا الشعر يقوله الربيع بن زياد في مقتل مالك» والمثبت من أ، م.

(٤) الوديق: التي تطلب الفحل. وجلوى: اسم فرس. انظر «اللسان».

(٥) أقصت: حملت واستبان حملها. وفي المختار: «فأقصت له»، أي أمكنته من المباشرة.

(٦) ديوانه ٤٨٦، والنقائض ٣٠٣، وفيهما: «حول قبابنا».