كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب الربيع بن زياد

صفحة 124 - الجزء 17

  وأعوج: فرس لبني هلال.

  فلما تحرك المهر سام⁣(⁣١) مع أمّه وهو فلو يتبعها، وبنو ثعلبة سائرون، فرآه حوط فأخذه، فقالت بنو ثعلبة:

  يا بني رياح، ألم تفعلوا فيه أوّل مرة ما فعلتم ثم هذا الآن! فقالوا: هو فرسنا، ولن نترككم أو نقاتلكم عنه أو تدفعوه إلينا.

  فلما رأى ذلك بنو ثعلبة قالوا: إذا لا نقاتلكم عنه، أنتم أعزّ علينا، هو فداؤكم، ودفعوه إليهم.

  / فلما رأى ذلك بنو رياح قالوا: واللَّه لقد ظلمنا إخوتنا مرّتين، ولقد حلموا وكروموا، فأرسلوا به إليهم مع لقوحين.

  / فمكث عند قرواش ما شاء اللَّه، وخرج أجود خيول العرب.

  ثم إن قيس بن زهير بن جذيمة العبسيّ أغار على بني يربوع، فلم يصب أحدا غير ابنتي قرواش بن عوف ومائة من الإبل لقرواش، وأصاب الحيّ وهم خلوف، ولم يشهد من رجالهم غير غلامين من بني أزنم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع، فجالا في متن الفرس مرتدفيه⁣(⁣٢) وهو مقيّد بقيد من حديد فأعجلهما القوم عن حلّ قيده، واتّبعهما القوم، فضبر⁣(⁣٣) بالغلامين ضبرا حتى نجوا به، ونادتهما إحدى الجاريتين: إنّ مفتاح القيد مدفون في مذود الفرس بمكان كذا وكذا، أي بجنب مذود، وهو مكان، أي لا تنزلا عنه إلَّا في ذلك المكان، فسبقا إليه حتى أطلقاه ثم كرّا راجعين.

  فلما رأى ذلك قيس بن زهير رغب في الفرس، فقال لهما: لكما حكمكما، وادفعا إليّ الفرس، فقالا:

  أو فاعل أنت؟ قال: نعم، فاستوثقا منه، على أن يردّ ما أصاب من قليل وكثير، ثم يرجع عوده على بدئه⁣(⁣٤)، ويطلق الفتاتين، ويخلَّي عن الإبل، وينصرف عنهم راجعا. ففعل ذلك قيس، فدفعا إليه الفرس.

  فلما رأى ذلك أصحاب قيس قالوا: لا نصالحك⁣(⁣٥) أبدا، أصبنا مائة من الإبل وامرأتين⁣(⁣٦)، فعمدت إلى غنيمتنا فجعلتها في فرس / لك تذهب به دوننا؛ فعظم في ذلك الشرّ حتى اشترى منهم غنيمتهم بمائة من الإبل.

  فلما جاء قرواش قال للغلامين الأزنميّين: أين فرسي؟ فأخبراه، فأبى أن يرضى إلَّا أن يدفع إليه فرسه، فعظم في ذلك الشرّ حتى تنافروا فيه، فقضي بينهم أن تردّ الفتاتان والإبل إلى قيس بن زهير، ويردّ عليه الفرس. فلما رأى ذلك قرواش رضي بعد شرّ، وانصرف قيس بن زهير، ومعه داحس، فمكث ما شاء اللَّه.

  وزعم بعضهم أنّ الرهان إنما هاجه بين قيس بن زهير وحذيفة بن بدر بن عمرو بن جويّة بن لوذان بن عديّ بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار - أن قيسا دخل على بعض الملوك وعنده قينة لحذيفة بن بدر تغنّيه بقول امرئ القيس:


(١) سام، أي رعى.

(٢) مرتدفيه: راكب أحدهما خلف صاحبه.

(٣) ضبر الفرس: جمع قوائمه ووثب.

(٤) أي مسرعا.

(٥) في المختار: «لا نصاحبك»، والمثبت في «النقائض» أيضا ص ٨٥.

(٦) في أ: «أصابنا ... وامرأتان»، والمثبت في النقائض والمختار.