كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب الربيع بن زياد

صفحة 125 - الجزء 17

  دار لهند والرّباب وفرتنى ... ولميس قبل حوادث الأيام⁣(⁣١)

  وهنّ - فيما يذكر - نسوة من بني عبس، فغضب قيس بن زهير، وشقّ رداءها، وشتمها؛ فغضب حذيفة، فبلغ ذلك قيسا، فأتاه يسترضيه، فوقف عليه، فجعل يكلَّمه وهو لا يعرفه من الغضب، وعنده أفراس له، فعابها، وقال:

  ما يرتبط مثلك مثل هذه يا أبا مسهر! فقال حذيفة: أتعيبها؟ قال: نعم، فتجاريا حتى تراهنا.

  وقال بعض الرواة: إنّ الذي هاج الرّهان أنّ رجلا من بني عبد اللَّه بن غطفان ثم أحد بني جوشن - وهم أهل بيت شؤم، أتى حذيفة زائرا - (ويقال إن الذي أتاه الورد العبسي أبو عروة بن الورد)⁣(⁣٢) - قال: فعرض عليه حذيفة / خيله، فقال: ما أرى فيها جوادا مبرّا، والمبرّ؛ الغالب، قال ذو الرمة⁣(⁣٣):

  أبرّ على الخصوم فليس خصم ... ولا خصمان يغلبه جدالا

  فقال له حذيفة: فعند من الجواد المبرّ؟ فقال: عند قيس بن زهير فقال له: هل لك أن تراهنني عنه؟ قال:

  نعم، قد فعلت، فراهنه على ذكر من خيله وأنثى.

  ثم إن العبديّ⁣(⁣٤) أتى قيس بن زهير، / وقال: إني قد راهنت عنك⁣(⁣٥) على فرسين من خيلك ذكر وأنثى وأوجبت الرّهان.

  فقال قيس: ما أبالي من راهنت غير حذيفة، فقال: ما راهنت غيره، فقال له قيس: إنك ما علمت لأنكد.

  ثم ركب قيس حتى أتى حذيفة، فوقف عليه، فقال له: ما غدا بك! قال: غدوت لأواضعك الرهان، قال: بل غدوت لتغلقه، قال: ما أردت ذلك. فأبى حذيفة إلا الرّهان، فقال قيس: أخيّرك ثلاث خلال، فإن بدأت فاخترت قبلي فلي خلَّتان، ولك الأولى، وإن بدأت فاخترت قبلك فلك خلَّتان ولي الأولى.

  قال حذيفة: فابدأ، قال قيس: الغاية من مائة غلوة - والغلوة: الرمية بالنّشّابة - قال حذيفة: فالمضمار أربعون ليلة، والمجرى: من ذات الإصاد⁣(⁣٦).

  ففعلا ووضعا السّبق⁣(⁣٧) على يدي غلَّاق أو ابن غلَّاق، أحد بني ثعلبة بن سعد بن ثعلبة.

  / فأما بنو عبس فزعموا أنه أجرى الخطَّار والحنفاء. وزعمت بنو فزارة أنه أجرى قرزلا والحنفاء، وأجرى قيس داحسا والغبراء.

  ويزعم بعضهم أن الذي هاج الرهان أنّ رجلا من بني المعتمر⁣(⁣٨) بن قطيعة بن عبس يقال له سراقة راهن شابّا من بني بدر - وقيس غائب - على أربع جزائر⁣(⁣٩) من خمسين غلوة، فلما جاء قيس كره ذلك، وقال له: لم ينته رهان


(١) ديوانه ١١٤، وفي النقائض: «دار لهر».

(٢) من المختار. وعبارة النسخ: «وهم أهل بيت شؤم أتاه الورد أبو عروة أتى حذيفة زائرا» وهي غير مستقيمة.

(٣) ديوانه ٤٤٥.

(٤) ب، س: «العبسي» والمثبت في «المختار».

(٥) كذا في أ، وهي ساقطة من النقائض.

(٦) أ: «ذات الإصال»، وهي ردهة بين الجبال أو موضع.

(٧) السبق: ما يوضع بين أهل السباق من رهان فمن سبق أخذه.

(٨) في النقائض: المعتم.

(٩) جزائر: جمع جزور وهي الناقة.