كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب الربيع بن زياد

صفحة 127 - الجزء 17

  وإنّ الظلم لا ينتهي إلَّا إلى الشر؛ فأعطوه جزورا من نعمكم، فأبوا، فقام إلى جزور من إبله فعقلها ليعطيها قيسا ويرضيه، فقام ابنه فقال: إنك لكثير الخطأ؛ أتريد أن تخالف قومك وتلحق بهم خزاية بما ليس عليهم؟ فأطلق الغلام عقالها، فلحقت بالنّعم. فلما رأى ذلك قيس بن زهير احتمل عنهم هو ومن معه من بني عبس، فأتى على ذلك ما شاء اللَّه.

  قيس بن زهير قتل عوف بن بدر والربيع يحمل ديته

  ثم إنّ قيسا أغار عليهم، فلقي عوف بن بدر فقتله وأخذ إبله، فبلغ ذلك بني فزارة، فهمّوا بالقتال، وغضبوا، فحمل الربيع بن زياد أحد بني عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس دية عوف بن بدر مائة عشراء متلية.

  (العشراء: التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر من ملقحها. والمتالي: التي نتج بعضها والباقي يتلوها في النتاج).

  وأمّ عوف وأم حذيفة ابنة نضلة بن جويّة بن لوذان بن ثعلبة بن عديّ بن فزارة.

  واصطلح الناس، فمكثوا ما شاء اللَّه.

  حذيفة بن بدر يدس فرسانا يقتلون مالك بن زهير

  ثم إن مالك بن زهير أتى امرأة يقال لها: مليكة بنت حارثة من بني عوذ⁣(⁣١) بن فزارة، فابتنى بها باللَّقاطة⁣(⁣٢) قريبا من الحاجر، فبلغ ذلك حذيفة بن بدر، فدسّ له فرسانا على أفراس من مسانّ خيله، وقال: لا تنظروا⁣(⁣٣) مالكا إن وجدتموه أن تقتلوه، والربيع⁣(⁣٤) بن زياد بن عبد اللَّه بن سفيان بن ناشب⁣(⁣٥) العبسيّ مجاور حذيفة بن بدر، وكانت تحت الربيع بن زياد معاذة ابنة بدر، فانطلق القوم، فلقوا مالكا فقتلوه، ثم انصرفوا عنه، فجاؤوا عشية وقد جهدوا أفراسهم، فوقفوا على حذيفة ومعه الرّبيع بن زياد، فقال حذيفة: أقدرتم على حماركم! قالوا: نعم، وعقرناه.

  فقال الربيع: ما رأيت كاليوم قطَّ، أهلكت أفراسك من أجل حمار! فقال حذيفة لمّا أكثر عليه من الملامة، وهو يحسب أنّ الذي أصابوا⁣(⁣٦) حمارا: إنا لم نقتل حمارا، ولكنا قتلنا مالك بن زهير بعوف بن بدر. فقال الربيع:

  بئس لعمر اللَّه القتيل قتلت⁣(⁣٧)، أما واللَّه إني لأظنّه سيبلغ ما نكره⁣(⁣٨).

  الربيع يغضب لقتل مالك

  فتراجعا شيئا من كلام ثم تفرقا، فقام الربيع يطأ الأرض وطأ شديدا، وأخذ يومئذ حمل بن بدر ذا النّون، سيف مالك بن زهير.


(١) في النقائض: «من بني غراب بن فزارة»، وفي المختار: «من بني عوذة».

(٢) س: اللفاظة «، والمثبت من النقائض والمختار.

(٣) ب، س: «لا تنتظروا»، والمثبت في المختار والنقائض.

(٤) في المختار: «وكان الربيع ... مجاورا حذيفة».

(٥) في النقائض: «قارب».

(٦) في المختار: «أصابوه».

(٧) في بيروت: «ما فعلت»، وما هنا موافق للمختار والنقائض.

(٨) في المختار: «ما يكره» بالمبني للمجهول.