ذكر نسب الربيع بن زياد
  / قال أبو عبيدة: فزعموا أنّ حذيفة لما قام الرّبيع بن زياد أرسل إليه بمولَّدة له(١) فقال لها: اذهبي إلى معاذة بنت بدر امرأة الربيع فانظري ما ترين الربيع يصنع. فانطلقت الجارية حتى دخلت البيت، فاندسّت بين الكفاء والنّضد - والكفاء: شقّة في آخر البيت، والنّضد: متاع يجعل على حمار من خشب - فجاء الربيع فنفذ البيت حتى أتى فرسه فقبض بمعرفته، ثم مسح متنه حتى قبض بعكوة ذنبه - العكوة: أصل الذنب - ثم رجع إلى البيت ورمحه مركوز بفنائه، فهزّه هزّا شديدا، ثم ركزه كما كان، ثم قال لامرأته: اطرحي لي شيئا، فطرحت له شيئا، فاضطجع عليه، وكانت قد طهرت تلك الليلة، فدنت منه، فقال: إليك! قد حدث أمر، / ثم تغنّى، وقال(٢)
  الربيع يرثي مالكا
  نام الخليّ وما أغمّض حار(٣) ... من سيّئ النّبأ الجليل السّاري
  من مثله تمسي النساء حواسرا ... وتقوم معولة مع الأسحار(٤)
  من كان مسرورا بمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار(٥)
  يجد النساء حواسرا يندبنه ... يبكين قبل تبلَّج الأسحار
  قد كنّ يخبأن الوجوه تستّرا ... فاليوم حين بدون للنّظَّار(٦)
  يخمشن حرّات الوجوه على امرئ(٧) ... سهل الخليقة طيّب الأخبار
  أفبعد مقتل مالك بن زهير(٨) ... ترجو النساء عواقب الأطهار
  / ما إن أرى في قتله لذوي الحجا ... إلَّا المطيّ تشدّ بالأكوار
  ومجنّبات ما يذقن عذوفة ... يقذفن بالمهرات والأمهار
  العذوف والعدوف واحد، وهو ما أكلته.
  ومساعرا صدأ الحديد عليهم ... فكأنما طلي الوجوه بقار(٩)
  يا ربّ مسرور بمقتل مالك ... ولسوف نصرفه بشرّ محار(١٠)
  فرجعت المرأة(١١) فأخبرت حذيفة الخبر، فقال: هذا حين اجتمع أمر إخوتكم، ووقعت الحرب.
  حذيفة بن بدر يدس فرسانا وراء الربيع
  وقال الربيع لحذيفة وهو يومئذ جاره: سيّرني، فإني جاركم، فسيّره ثلاث ليال، ومع الربيع فضلة من خمر،
(١) أ، والنقائض: «أرسل إليه أمة مولدة».
(٢) الأبيات في النقائض ٨٩ وحماسة أبي تمام ١: ٢٩٨.
(٣) حار، مرخم: «حارث».
(٤) في المختار: «يوقمن معولة».
(٥) النقائض: «بنصف نهار».
(٦) والمختار: «برزن للنظار».
(٧) هامش أمن نسخة: «حر وجوههن»، وفي المختار: «حر وجوههن على فتى».
(٨) في هذا الشطر عيب يسمى القطع.
(٩) المساعر: جمع مسعر، وهو موقد نار الحرب.
(١٠) المحار: المرجع، وفي أ: «نضربه»، وفي المختار: «بشر مصار».
(١١) في المختار والنقائض: «الأمة».