كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر نسب الربيع بن زياد

صفحة 131 - الجزء 17

  خزاية فنعطيهم أكثر مما أعطونا، فتسبّنا العرب بذلك؟ فأمسكها حذيفة، وأبى بنو عبس أن يقبلوا إلَّا إبلهم بعينها فمكث القوم ما شاء اللَّه أن يمكثوا.

  جندب يقتل مالك بن بدر

  ثم إن مالك بن بدر خرج يطلب إبلا له، فمرّ على بني رواحة، فرماه جندب⁣(⁣١) - أحد بني رواحة - بسهم فقتله، فقالت ابنة مالك بن بدر في ذلك⁣(⁣٢):

  للَّه عينا من رأى مثل مالك ... عقيرة قوم أن جرى فرسان

  فليتهما لم يشربا قطَّ قطرة⁣(⁣٣) ... وليتهما لم يرسلا لرهان

  أحلّ به من جندب أمس نذره⁣(⁣٤) ... فأيّ قتيل كان في غطفان

  إذا سجعت بالرّقمتين حمامة ... أو الرّسّ تبكي فارس الكتفان

  فرس له كانت تسمّى الكتفان.

  الأسلع بن عبد اللَّه بن ناشب يمشي في الصلح بين عبس وذبيان

  ثم إنّ الأسلع بن عبد اللَّه بن ناشب بن زيد بن هدم بن أدّ بن عوذ بن غالب بن قطيعة بن عبس مشى في الصّلح، ورهن بني ذبيان ثلاثة / من بنيه وأربعة من بني أخيه حتى يصطلحوا، جعلهم على يدي سبيع بن عمرو من بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان. فمات سبيع وهم عنده.

  سبيع بن عمرو يوصي مالكا ابنه

  فلما حضرته الوفاة قال لابنه مالك بن سبيع: إنّ عندك مكرمة لا تبيد إن أنت احتفظت بهؤلاء الأغيلمة، وكأني بك لو قد متّ قد أتاك حذيفة خالك - وكانت أمّ مالك هذا ابنة بدر - فعصر عينيه، وقال: هلك سيّدنا، ثم خدعك عنهم حتى تدفعهم إليه فيقتلهم، فلا شرف بعدها فإن خفت ذلك فاذهب بهم إلى قومهم.

  فلما ثقل جعل حذيفة يبكي ويقول: هلك سيّدنا، فوقع ذلك له في قلب مالك.

  مالك دفع الرهن إلى حذيفة

  فلما هلك سبيع أطاف بابنه مالك فأعظمه، ثم قال له: يا مالك، إنّي خالك، وإنّي أسنّ منك، فادفع إليّ هؤلاء الصبيان ليكونوا عندي إلى أن ننظر في أمرنا. ولم يزل به حتى دفعهم إلى حذيفة باليعمريّة، واليعمريّة: ماء بواد من بطن نخل من الشّربّة لبني ثعلبة.

  فلما دفع مالك إلى حذيفة الرّهن جعل كل يوم يبرز غلاما فينصبه غرضا ويرمي بالنّبل، ثم يقول: ناد أباك، فينادي أباه حتى يمزّقه النبل، ويقول لواقد بن جنيدب: ناد أباك فجعل ينادي: يا عمّاه، خلافا عليهم، ويكره أن


(١) النقائض: «جنيدب».

(٢) النقائض ٩٢.

(٣) النقائض: «شربة».

(٤) كذا في أوالمختار، وفي «بيروت»: «أحل به أمس الجنيدب نذره».