ذكر نسب الربيع بن زياد
  يأبس أباه بذلك - والأبس: القهر والحمل على المكروه - وقال لابن جنيدب بن عمرو بن عبد الأسلع: ناد جنيبة - وكان جنيبة لقب / أبيه - فجعل ينادي: يا عمراه(١)، باسم أبيه حتى قتل. وقتل عتبة بن قيس بن زهير.
  ثم إنّ بني فزارة اجتمعوا هم وبنو ثعلبة وبنو مرّة، فالتقوا هم وبنو عبس، فقتلوا منهم مالك بن سبيع بن عمرو الثعلبيّ(٢) - قتله مروان(٣) بن زنباع العبسيّ - وعبد العزّى بن حذار الثعلبيّ، والحارث بن بدر الفزاريّ، وهرم بن ضمضم المرّيّ - قتله ورد بن حابس العبسيّ، ولم يشهد ذلك اليوم حذيفة بن بدر، فقالت ناجية أخت هرم بن ضمضم المريّ(٤):
  يا لهف نفسي لهفة المفجوع ... ألَّا أرى هرما على مودوع
  / من أجل سيّدنا ومصرع جنبه ... علق الفؤاد بحنظل مجدوع(٥)
  مودوع: فرسه.
  بين ذبيان وعبس
  ثم إنّ حذيفة بن بدر جمع وتأهّب(٦)، واجتمع معه بنو ذبيان بن بغيض فبلغ بني عبس أنهم قد ساروا إليهم، فقال قيس: أطيعوني، فو اللَّه لئن لم تفعلوا لأتّكئنّ على سيفي حتى يخرج من ظهري، قالوا: فإنّا نطيعك، فأمرهم فسرّحوا السّوام والضّعاف بليل وهم يريدون أن يظعنوا من منزلهم ذلك، ثم ارتحلوا في الصّبح، وأصبحوا على ظهر العقبة، وقد مضى سوامهم وضعفاؤهم. فلما أصبحوا طلعت عليهم الخيل من الثنايا، فقال قيس: خذوا غير طريق المال؛ فإنه لا حاجة للقوم أن يقعوا في شوكتكم، ولا يريدون بكم في أنفسكم شرّا من ذهاب أموالكم، فأخذوا غير طريق المال.
  / فلما أدرك حذيفة الأثر ورآه(٧) قال: أبعدهم اللَّه! وما خيرهم بعد ذهاب أموالهم! فاتّبع المال.
  وسارت ظعن بني عبس والمقاتلة من ورائهم، وتبع حذيفة وبنو ذبيان المال. فلما أدركوه ردّوه(٨) أوّله على آخره، ولم يفلت منهم شيء، وجعل الرجل يطرد ما قدر عليه من الإبل، فيذهب بها. وتفرّقوا، واشتدّ الحر، فقال قيس بن زهير: يا قوم، إن القوم قد فرّق بينهم المغنم، فاعطفوا الخيل في آثارهم، فلم تشعر بنو ذبيان إلا والخيل دوائس(٩)، فلم يقاتلهم كبير أحد، وجعل بنو ذبيان إنما همّة الرجل في غنيمته أن يحوزها، ويمضي بها.
  فوضعت بنو عبس فيهم السلاح حتى ناشدتهم بنو ذبيان البقيّة، ولم يكن لهم همّ غير حذيفة، فأرسلوا خيلهم مجتهدين في أثره، وأرسلوا خيلا تقصّ(١٠) الناس ويسألونهم، حتى سقط خبر حذيفة من الجانب الأيسر على
(١) أ: «يا عماه».
(٢) أ: «التغلبي»، تحريف.
(٣) في النقائض: الحكم بن مروان.
(٤) النقائض ٩٤.
(٥) أ، النقائض، المختار، بيروت: «مصدوع».
(٦) أ، والمختار والنقائض: «وتهيأ».
(٧) وكذا في النقائض. وفي المختار: «وراءهم».
(٨) أوالمختار والنقائض: «ردوا».
(٩) ب، س: دواس، والمثبت في المختار والنقائض وبيروت. ودوائس: يتبع بعضها بعضا.
(١٠) وكذا في المختار، وفي النقائض: «تنفض» والمراد تتعرفهم.