كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر زينب بنت حدير وتزويج شريح إياها

صفحة 142 - الجزء 17

١٧ - خبر زينب بنت حدير وتزويج شريح إياها

  شريح يصح الشعبي بأن يتزوج من نساء بني تميم

  أخبرني الحسن بن عليّ الخفّاف، قال: حدثنا أحمد بن زهير بن حرب⁣(⁣١)، قال: حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، وأبو محمد رجل ثقة، قال: حدثنا مجالد، عن الشعبيّ، قال:

  قال لي شريح: يا شعبيّ، عليكم بنساء بني تميم فإنهنّ النساء، قال: قلت: وكيف ذاك؟ قال: انصرفت من جنازة ذات يوم مظهرا⁣(⁣٢)، فمررت بدور بني تميم، فإذا امرأة جالسة في سقيفة على وسادة وتجاهها جارية رؤد - يعني التي قد بلغت - ولها ذؤابة على ظهرها جالسة على وسادة، فاستسقيت، فقالت لي: أيّ الشراب أعجب إليك: النبيذ، أم اللبن، أم الماء؟ قلت: أي ذلك يتيسّر عليكم، قالت: اسقوا الرجل لبنا؛ فإني إخاله غريبا.

  يرى زينب بنت حدير، فيخطبها ويتزوجها

  فلما شربت نظرت إلى الجارية فأعجبتني، فقلت: من هذه؟ قالت: ابنتي، قالت: وممّن؟ قالت: زينب بنت حدير، إحدى نساء بني تميم، ثم إحدى نساء بني حنظلة، ثم إحدى نساء بني طهيّة، قلت: أفارغة أم مشغولة؟

  قالت: بل فارغة، قلت: أتزوّجينيها؟ قالت: نعم إن كنت كفيّا، ولها عمّ فاقصده.

  فانصرفت فامتنعت من القائلة، فأرسلت إلى إخواني القرّاء الأشراف: مسروق بن الأجدع، والمسيّب بن نجبة، وسليمان بن صرد الخزاعيّ، وخالد / بن عرفطة العذريّ، وعروة بن المغيرة بن شعبة، وأبي بردة بن أبي موسى، فوافيت معهم صلاة العصر، فإذا عمّها جالس، فقال: أبا أمية، حاجتك؟ قلت: إليك، قال: وما هي؟

  قلت: ذكرت لي بنت أخيك زينب بنت حدير، قال: ما بها عنك رغبة، ولا بك عنها مقصر، وإنك لنهزة.

  فتكلمت فحمدت اللَّه جلّ ذكره، وصلَّيت على النبيّ ، وذكرت حاجتي، فردّ الرجل عليّ وزوّجني، وبارك القوم لي، ثم نهضنا.

  فما بلغت منزلي حتى ندمت، فقلت: تزوجت إلى أغلظ العرب وأجفاها فهممت بطلاقها، ثم قلت: أجمعها إليّ، فإن رأيت ما أحبّ وإلا طلَّقتها.

  فأقمت أياما، ثم أقبل نساؤها يهادينها، فلما أجلست في البيت أخذت بناصيتها فبركت، وأخلى لي البيت، فقلت: يا هذه، إنّ من السنة إذا دخلت المرأة على الرجل أن يصلَّي ركعتين وتصلَّي ركعتين، ويسألا اللَّه خير


(١) ب، س: «حرم»، تحريف.

(٢) مظهرا: سائرا أو داخلا في الظهيرة.