كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر الحطيئة ونسبه

صفحة 440 - الجزء 2

  «إذا استلحموا»⁣(⁣١) ... وإذا ركبوا لم ينظروا عن شمالهم ويروى: أولئك أبناء العزيف⁣(⁣٢) - ثم قال: أما إني ما أزعم أن أحدا بعد زهير أشعر من الحطيئة.

  وافقه ابن ميادة في شطر فعرف أنه شاعر

  أخبرني الحسين بن يحيى حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال: بلغني أنه لما قال ابن ميّادة:

  تمشّي به ظلمانه وجآذره

  قيل له: قد سبقك الحطيئة إلى هذا، فقال: واللَّه ما علمت أنّ الحطيئة قال هذا قطَّ، والآن علمت واللَّه أني شاعر حين واطأت الحطيئة.

  قال الأصمعيّ وقد أنشد شعره إنه أفسده بالهجاء

  قال حمّاد: قال أبي: وقال لي الأصمعيّ وقد أنشدني شيئا من شعر الحطيئة: أفسد مثل هذا الشعر الحسن بهجاء الناس وكثرة الطمع.

  سئل من أشعر الناس فأخرج لسانه يعني نفسه

  قال حمّاد: قال أبي: وبلغني عن عبد الرحمن بن أبي بكرة⁣(⁣٣) أنه قال: لقيت الحطيئة بذات⁣(⁣٤) عرق فقلت له: يا أبا مليكة، من أشعر الناس؟ فأخرج لسانه كأنه لسان الحية ثم قال: هذا إذا طمع.

  قابل حسان متنكرا وسمع من شعره

  ونسخت من كتاب أحمد بن سعيد الدمشقي قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني يحيى بن محمد بن طلحة وكان قد قارب ثمانين سنة قال:

  أخبرني بعض أشياخنا أن أعرابيا وقف على حسّان بن ثابت / وهو ينشد، فقال له حسّان: كيف تسمع⁣(⁣٥) يا أعرابيّ؟ قال: ما أسمع بأسا؛ قال حسّان: أما تسمعون إلى الأعرابيّ! ما كنيتك أيها الرجل؟ قال: أبو مليكة، قال: ما كنت قطَّ أهون عليّ منك حين أكتنيت بامرأة، فما اسمك؟ قال: الحطيئة، فأطرق حسّان ثم قال له: أمض بسلام.

  كان بخيلا يطرد أضيافه

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن المدائنيّ قال:

  مرّ ابن الحمامة بالحطيئة وهو جالس بفناء بيته، فقال: السلام عليكم؛ فقال: قلت ما لا ينكر؛ قال: إني


(١) استلحموا: نشبوا في الحرب ودخلوا في غمارها. وهذه الرواية في البيت الثاني الذي أوّله: إذا ما دعوا ...

(٢) العزيف: الصوت له دويّ ومنه عزيف الرعد لدويه وعزيف الريح لما يسمع من دويها وعزيف القوس تصويتها. ولعله يريد هنا صوت ما يستنهض به للحرب كالطبل ونحوه أو أصوات الأبطال في حومة الوغي.

(٣) كذا في أغلب النسخ وهو الموافق لما في «الشعر والشعراء» لابن قتيبة، وفي أ، م «عبد الرحمن بن أبي بكر» وكلتا الروايتين محتملة لأن كلا من عبد الرحمن بن أبي بكرة وابن أبي بكر كان في عهد الحطيئة.

(٤) ذات عرق: مهلّ أهل العراق وهو الحد بين نجد وتهامة.

(٥) في ح: «كيف ترى يا أعرابي؟ قال: ما أرى بأسا».