خبر الحطيئة ونسبه
  خرجت من] عند(١) أهلي بغير زاد؛ فقال: ما ضمنت لأهلك قراك؛ قال: أفتأذن لي أن آتي ظلّ بيتك فأتفيّأبه؟
  قال: دونك الجبل يفيء عليك؛ قال: أنا ابن الحمامة؛ قال: انصرف وكن ابن أيّ طائر شئت.
  وأخبرنا بهذا الخبر اليزيديّ عن الخزّاز(٢) عن المدائني فحكى ما ذكرناه من قول الحطيئة عن أبي الأسود الدّؤليّ.
  وأخبرني الحسين عن حمّاد عن أبيه عن أبي عبيدة والمدائني قالا:
  أتى رجل الحطيئة وهو في غنم له فقال له: يا صاحب الغنم، فرفع الحطيئة العصا وقال: إنها عجراء(٣) من سلم؛ فقال الرجل: إني ضيف؛ فقال: للضّيفان أعددتها، فانصرف عنه. قال إسحاق: وقال غيرهما: إن الرجل قال له: السلام عليكم؛ فقال له: عجراء من سلم؛ فقال: السلام عليكم؛ فقال: أعددتها للطَّرّاق؛ فأعاد السلام فقال له: إن شئت قمت بها إليك؛ فانصرف الرجل عنه.
  كان يقول إنما أنا حسب موضوع
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش قال حدّثنا محمد بن يزيد قال: زعم الجاحظ أن الحطيئة كان يقول: إنما أنا حسب موضوع؛ فسمع عمرو بن عبيد رجلا يحكي ذلك عنه يقال له عبد الرحمن بن صدّيقة، فقال عمرو: كذب ترّحه(٤) اللَّه إنما ذلك التقوى.
  كان يهجو أضيافه وقد ضافه صخر بن أعيى فتهاجيا
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد بن إسحاق عن أبيه قال الأصمعيّ: لم ينزل ضيف قطَّ بالحطيئة إلا هجاه، فنزل به رجل من بني أسد لم يسمّه الأصمعيّ، وذكر أبو عبيدة أنه صخر بن أعيى الأسدي أحد بني أعيى ابن طريف بن عمرو بن قعين، فسقاه شربة من لبن، فلما شربها قال:
  لما رأيت أن من يبتغي القرى ... وأن ابن أعيى لا محالة فاضحي
  شددت حيازيم ابن أعيى بشربة ... على ظمأ(٥) سدّت أصول الجوانح(٦)
  وروى الأصمعيّ شدّت بالشين المعجمة.
  ولم أك مثل الكاهليّ وعرسه ... بغى الودّ من مطروفة العين طامح(٧)
(١) زيادة في ح.
(٢) كذا في م. وفي أغلب الأصول «الخرّاز» والصواب ما أثبتناه وهو «أحمد بن الحارث بن المبارك الخزاز» صاحب أبي الحسن المدائني وروايته وله ترجمة في «معجم الأدباء» لياقوت ج ١ ص ٤٠٧ و «الفهرست» لابن النديم ص ١٠٤، ولم نهتد لتصحيح هذا الاسم في الجزء الأول فكنا نكتب ما في أغلب الأصول «الخرّاز» براء وزاي وننبه على أن في بعضها «الخزاز» بزايين. أنظر ص ١٤ س ٢٠ وص ٢١ س ٣ من الجزء الأوّل من هذه الطبعة.
(٣) العجراء: العصا التي فيها عقد. والسلم: شجر معروف.
(٤) ترّحه: أحزنه.
(٥) كذا في جميع الأصول. وفي «الديوان»: «على فاقة».
(٦) سدّت: ملأت. والجوانح: الضلوع واحدتها جانحة. وأصول الجوانح: خللها. والمراد أنها ملأت جوفه فسدّت خلل الضلوع.
(٧) الكاهليّ: رجل من بني كاهل بني أسد، فركته (أبغضته) امرأته فاحتالت له حتى سقته سما فقتله. والمطروفة من النساء: التي قد طرفها حب الرجال أي أصاب طرفها فهي تطمح وتشرف لكل من أشرف لها ولا تغض طرفها كأنما أصاب طرفها طرفة (نقطة