كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر الحطيئة ونسبه

صفحة 443 - الجزء 2

  / فقيل له: فقول طرفة:

  ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

  فقال: من يأتيك بها ممن زوّدت أكثر، وليس بيت مما قالته الشعراء إلا وفيه مطعن إلا قول الحطيئة:

  لا يذهب العرف بين اللَّه والناس

  قال إسحاق قال المدائنيّ قال سلم بن قتيبة: ما أعلم قافية تستغني عن صدرها وتدلّ عليه وإن لم ينشد مثل قول الحطيئة:

  لا يذهب العرف بين اللَّه والناس

  كتب له الأصمعيّ أربعين قصيدة في ليلة

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثنا الرّياشيّ قال سمعت الأصمعيّ يقول: كتبت للحطيئة في ليلة أربعين قصيدة.

  قوله لا يذهب العرف البيت مكتوب في التوراة

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن أبي عبيدة قال:

  بلغني أن هذا البيت في التوراة، ذكره غير واحد عن أبيّ بن كعب. يعني قول الحطيئة:

  لا يذهب العرف بين اللَّه والناس

  قال إسحاق وذكر عبد اللَّه بن مروان عن أيّوب بن عثمان الدّمشقيّ عن عثمان بن أبي عائشة قال: سمع كعب⁣(⁣١) الحبر رجلا ينشد بيت الحطيئة:

  من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين اللَّه والناس

  / فقال: والذي نفسي بيده إنّ هذا البيت لمكتوب في التوراة. قال إسحاق قال العمريّ: والذي صح عندنا في التوراة «لا يذهب العرف بين اللَّه والعباد».

  أوصى عبيد اللَّه بن شدّاد ابنه محمدا بشعره

  أخبرني⁣(⁣٢) الحسين عن حمّاد عن أبيه قال قال أبو عدنان: لما حضرت عبيد اللَّه⁣(⁣٣) ابن شدّاد الوفاة دعا ابنه محمدا فأوصاه وقال له: يا بنيّ أرى داعي الموت لا يقلع، وبحقّ⁣(⁣٤) أنّ من مضى لا يرجع، ومن بقي فإليه ينزع. يا بنيّ، ليكن أولى الأمور بك تقوى اللَّه في السرّ والعلانية، والشكر للَّه، وصدق الحديث والنيّة، فإنّ للشكر مزيدا، والتقوى خير زاد، كما قال الحطيئة:

  ولست أرى السعادة جمع مال ... ولكنّ التقيّ هو السعيد


(١) يقال: كعب الحبر (بكسر الحاء) فمن جعله وصفا له نوّن كعبا، ومن جعله المداد لم ينوّن وأضافه إلى الحبر. وقد منع صاحب «القاموس» من أن يقال: كعب الأحبار، ونوزع في ذلك. (انظر «تاج العروس» للسيد مرتضى مادة حبر).

(٢) ورد هذا الخبر في «الأمالي» (ج ٢ ص ٢٠٢ طبع دار الكتب المصرية) بتفصيل عما هنا فراجعه.

(٣) كذا في جميع الأصول. وفي «الأمالي» لأبي عليّ القالي: «عبد اللَّه بن شدّاد بن الهاد ... الخ».

(٤) كذا في أ، ح، ء. وفي ب، س: «ويحق». وفي م: «ولحق».