خبر الحطيئة ونسبه
  وتقوى اللَّه خير الزاد ذخرا ... وعند اللَّه للأتقى مزيد
  وما لا بدّ أن يأتي قريب ... ولكنّ الذي يمضي بعيد
  روى حماد لبلال مدحه في أبي موسى الأشعري
  أخبرني أبو خليفة عن محمد بن سلام قال أخبرني أبو عبيدة عن يونس قال: قدم حمّاد الراوية البصرة على بلال بن أبي بردة وهو عليها؛ فقال له: ما أطرفتني شيئا يا حمّاد؛ قال: بلى، / ثم عاد إليه فأنشده للحطيئة في أبي موسى الأشعريّ يمدحه:
  جمعت من عامر فيه(١) ومن جشم ... ومن تميم ومن حاء(٢) ومن حام(٣)
  / مستحقبات(٤) رواياها(٥) جحافلها(٦) ... يسمو بها أشعريّ طرفه سامي
  فقال له بلال: ويحك! أيمدح الحطيئة أبا موسى الأشعريّ وأنا أروي شعر الحطيئة كلَّه فلا أعرفها! ولكن أشعها تذهب في الناس.
  وذكر المدائني أن الحطيئة قال هذه القصيدة في أبي موسى، وأنها صحيحة. قالها فيه وقد جمع جيشا للغزو فأنشده:
  جمعت من عامر فيه(٧) ومن أسد(٨)
  وذكر البيتين وبينهما هذا البيت وهو:
  فما رضيتهم حتى رفدتهم ... بوائل رهط ذي الجدّين بسطام(٩)
(١) كذا في «ديوانه». والضمير يرجع إلى الجحفل في البيت الذي قبله وهو:
وجحفل كهيم الليل منتجع ... أرض العدوّ ببؤس بعد إنعام
وفي جميع الأصول: «فيها».
(٢) كذا في ح، ط و «الديوان». وحاء: حيّ من مذحج. وفي ب، س: «سام».
(٣) جاء في «شرح الديوان» أن حامّا من ناهس بن عفرس بن خلف بن أنمار وهم خثعم.
(٤) مستحقبات: من استحقب الشيء إذا احتمله من خلف.
(٥) الروايا: الإبل التي تحمل أزوادهم وأثقالهم.
(٦) جحافلها: جمع جحفلة. وهي من الخيل والحمير والبغال والحافر بمنزلة الشفة للإنسان والمشفر للبعير. والضمير يعود إلى الخيل المذكور في الأبيات الواردة قبل هذا البيت وهي:
وما رضيت لهم حتى رفدتهم ... من وائل رهط بسطام بأصرام
فيه الرماح وفيه كل سابغة ... جدلاء مبهمة من نسج سلام
وكل أجرد كالسرحان أترزه ... مسح الأكف وسقى بعد إطعام
وكل شوهاء طوع غير آبية ... عند الصباح إذا همّوا بإلجام
والمعنى أن الخيل تجنب إلى الروايا فتضع جحافها على أعجاز الإبل. (انظر «شرح الديوان المخطوط» المحفوظ بدار الكتب تحت رقم ٣ أدب ش).
(٧) انظر الحاشية رقم ٢ في الصفحة السالفة.
(٨) هذه غير رواية حماد كما ذكر شارح «الديوان».
(٩) كذا في الأصول. وبسطام هو بسطام بن قيس بن مسعود بن قيس بن خالد الشيباني ويسمى ذا الجدّين. وفي «الديوان»: «رهط بسطام بأصرام» والأصرام: البيوت المجتمعة، يقال للقطعة منها صرم (بالكسر).