كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

حلف الفضول

صفحة 186 - الجزء 17

  أهل الحلف وعلى أي شيء تحالفوا

  وقال: أهل حلف الفضول بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو أسد بن عبد العزّى، وبنو زهرة، وبنو تيم، تحالفوا بينهم ألَّا يظلم بمكة أحد إلا كنّا جميعا مع المظلوم على الظالم، حتى نأخذ له مظلمته ممّن ظلمه شريفا أو وضيعا، منّا أو من غيرنا.

  ثم انطلقوا إلى العاص بن وائل، ثم قالوا: واللَّه لا نفارقك حتى تؤدّي إليه حقّه، فأعطى الرجل حقّه، فمكثوا كذلك لا يظلم أحد حقّه بمكة إلَّا أخذوه له. وكان عتبة بن ربيعة بن عبد شمس يقول: لو أنّ رجلا وحده خرج من قومه لخرجت من عبد شمس، حتى أدخل في حلف الفضول. وليس عبد شمس في حلف الفضول.

  وحدثني محمد بن حسن، عن محمد بن طلحة، عن موسى بن عبد اللَّه بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن فضالة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وعن إبراهيم بن محمد، وعن أبي عبد اللَّه بن الهاد:

  / أنّ بني هاشم وبني المطلب وبني أسد بن عبد العزّى وتيم بن مرّة احتلفوا على ألَّا يدعوا بمكة كلها، ولا في الأحابيش⁣(⁣١) مظلوما يدعوهم إلى نصرته إلَّا أنجدوه، حتى يردّوا عليه مظلمته، أو يبلوا في ذلك عذرا، أو على ألَّا يتركوا لأحد عند أحد فضلا إلَّا أخذوه، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - وبذلك سمّي حلف الفضول - باللَّه الغالب⁣(⁣٢) أنّ اليد على الظالم حتى يأخذوا للمظلوم حقّه ما بلّ بحر صوفة⁣(⁣٣)، وعلى التأسّي في المعاش.

  قال محمد بن الحسن: قال محمد بن طلحة في حديثه، عن موسى بن محمد عن أبيه، وعن محمد بن فضالة، عن أبيه، قال:

  لم يكن بنو أسد بن عبد العزى في حلف الفضول، قال: وكان بعد عبد المطلب.

  قال: وحدثني محمد بن الحسن، عن عيسى بن يزيد بن دأب، قال: أهل حلف الفضول: هاشم، وزهرة، وتيم. قال: وقيل له: فهل لذلك شاهد من الشعر؟ قال: نعم، قال: أنشدني بعض أهل العلم قول بعض الشعراء:

  تيم بن مرّة إن سألت وهاشم ... وزهرة الخير في دار ابن جدعان

  متحالفون على النّدى ما غرّدت ... ورقاء في فنن من جزع كتمان

  / فقيل له: وأين كتمان؟ فقال: واد بنجران⁣(⁣٤)؛ فجاء ببيتين مضطربين مختلفي النصفين.

  وحدثني أبو الحسن الأثرم، عن أبي عبيدة، قال:

  تداعى بنو هاشم وبنو المطلب وبنو أسد بن عبد العزّى وبنو زهرة بن كلاب وتيم بن مرّة إلى حلف الفضول، فاجتمعوا في دار عبد اللَّه بن جدعان، فتحالفوا عنده، وتعاقدوا ألَّا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها ولا من غيرهم


(١) الأحابيش: أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في الحرب التي وقعت بينهم وبين قريش قبل الإسلام؛ سموا بذلك لاسودادهم.

وقيل: إنهم سموا باسم جبل حبشي بأسفل مكة؛ وذلك أن بني المصطلق وبني الهون بن خزيمة اجتمعوا عنده، فحالفوا قريشا وقالوا: إنا ليد على غيرنا ما سجا ليل ووضح نهار. وما أرسى حبشي مكانه. «اللسان» (حبش).

(٢) أ: «القائل» وفي هامشه من نسخة: «الغالب».

(٣) ما بل بحر صوفة، أي أبدا. وصوف البحر: شيء على شكل الصوف الحيواني. ومن الأبديات قولهم: لا آتيك ما بل بحر صوفة، وحكى اللحياني: ما بل البحر صوفة. (اللسان - «صوف»).

(٤) في البلدان: قال أبو منصور: كتمان: اسم بلد في بلاد قيس. وقال غيره: كتمان: واد بنجران.