كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

حلف الفضول

صفحة 190 - الجزء 17

  فظلمه، وكان يسيء المخالطة فأتى الثماليّ إلى أهل حلف الفضول فأخبرهم، فقالوا: اذهب فأخبره أنك أتيتنا، فإن أعطاك حقّك وإلا فارجع إلينا، فأتاه فأخبره بما قال له أهل حلف الفضول، قال: فأخرج إليه ماله، وأعطاه إياه بعينه، وقال:

  أيأخذني في بطن مكَّة ظالما ... أبيّ ولا قومي لديّ ولا صحبى

  وناديت قومي صارخا ليجيبنى⁣(⁣١) ... وكم دون قومي من فياف ومن سهب⁣(⁣٢)

  ويأبى لكم حلف الفضول ظلامتي ... بني جمح والحقّ يؤخذ بالغصب

  القيني يستصرخ عبد اللَّه بن جدعان

  وقد روى إبراهيم بن المنذر الحزاميّ في أمر حلف الفضول غير ما رواه الزبير، قال إبراهيم: حدثني عبد العزيز بن عمران، قال:

  قدم أبو الطمحان القينيّ الشاعر، واسمه حنظلة بن الشرقيّ، فاستجار عبد اللَّه بن جدعان التيمي ومعه مال له من الإبل، فعدا عليه قوم من بني سهم فانتحروا ثلاثة من إبله، وبلغه ذلك فأتاهم بمثلها، فقال: أنتم لها ولأكثر منها أهل، فأخذوها فانتحروها، ثم أمسكوا عنه زمانا، ثم جلسوا على شراب لهم، فلما انتشوا غدوا على إبله فأساقوها كلها، فأتى عبد اللَّه بن جدعان يستصرخه، فلم يكن فيه ولا في قومه قوة ببني سهم، فأمسك عنهم ولم ينصره، فقال أبو الطمحان⁣(⁣٣):

  ألا حنّت المرقال واشتاق ربّها ... تذكَّر أرماما وأذكر معشري⁣(⁣٤)

  ولو علمت صرف البيوع لسرّها⁣(⁣٥) ... بمكة أن تبتاع حمضا بإذخر

  أجدّ بني الشّر فيّ أنّ أخاهم ... متى يعتلق جارا وإن عزّ يغدر

  إذا قلت واف أدركته دروكه ... فيا موزع الجيران بالغيّ أقصر

  ثم ارتحل عنهم.

  لميس بن سعد يستجير بقريش من ظلم أبي بن خلف

  ووفد لميس بن سعد البارقيّ مكة، فاشترى منه أبيّ بن خلف سلعة، فظلمه إياها، فمشى في قريش فلم يجره أحد، فقال:

  أيظلمني مالي أبيّ سفاهة ... وبغيا ولا قومي لديّ ولا صحبي


(١) ب، س: «لتجيبني»، والمثبت من باقي النسخ.

(٢) السهب، بضم السين: المستوى من الأرض في سهولة. وضبط في أبفتح السين. والسهب، بالفتح: الفلاة. «اللسان» (سهب).

(٣) الشعراء ٣٤٨، والأغاني ١١: ١٧٨.

(٤) ب، س: «أزمانا»، والمثبت يوافق ما في «اللسان» وباقي النسخ. وفي الشعراء: «وائتب ربها»، أي تهيأ للذهاب وتجهز، وأرمام:

موضع بعينه.

(٥) ج: بيثرب، والبيت في الكامل ٤٢٧، والحمض: بفتح الحاء، نبات لا يهيج في الربيع ويبقى على القيظ وفيه ملوحة، إذا أكلته الإبل شربت عليه، وإذا لم تجده رقت وضعفت. وهو فاكهة الإبل. والإذخر: الحشيش الأخضر.