خبر الحطيئة ونسبه
  فوصله أبو موسى؛ فكتب إليه عمر ¥ يلومه على ذلك؛ فكتب إليه: إني اشتريت عرضي منه بها؛ فكتب إليه عمر: إن كان هذا هكذا وإنما فديت عرضك من لسانه ولم تعطه للمدح(١) والفخر فقد أحسنت. ولما ولى بلال بن أبي بردة أنشده إياها حمّاد الرواية فوصله أيضا.
  كذبه عمر في بيت قاله
  ونسخت من كتاب لحمّاد بن إسحاق حدّثني به أبي وأخبرني به عمّي عن الكرانيّ عن الرّياشيّ قال حدّثني محمد بن الطَّفيل عن أبي بكر بن عيّاش عن الحارث بن عبد الرحمن عن مكحول قال:
  سبق رسول اللَّه ÷ على فرس له فجثا على ركبتيه وقال: «إنه لبحر»(٢)؛ قال عمر:
  كذب الحطيئة حيث يقول:
  وإنّ جياد الخيل لا تستفزّنا ... ولا جاعلات الرّيط(٣) فوق المعاصم
  لو ترك هذا أحد لتركه رسول اللَّه ÷.
  أراد سفرا فاستعطفته امرأته بشعر فرجع
  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن أبي عبيدة أن الحطيئة أراد سفرا فأتته امرأته وقد قدّمت راحلته ليركب، فقالت:
  اذكر تحنّننا إليك وشوقنا ... واذكر بناتك إنهنّ صغار
  فقال: حطَّوا، لا رحلت لسفر أبدا.
  يزعم رجل أنه ضاف قوما من الجنّ منهم صاحب الحطيئة
  أخبرني محمد بن العبّاس اليزيديّ ومحمد بن الحسن بن دريد قالا حدّثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعيّ عن عمه عن أبيه قال:
  قال رجل: ضفت(٤) قوما في سفر وقد ضللت(٥) الطريق، فجاؤني بطعام أجد طعمه في فمي وثقله(٦) في بطني، ثم قال شيخ منهم لشابّ: أنشد عمّك؛ فأنشدني:
  عفا من سليمى مسحلان فحامره ... تمشّى به ظلمانه وجآذره
(١) في ط: «للبذخ».
(٢) أي واسع الجري. وفي «صحيح الإمام البخاريّ»: كان بالمدينة فزع فاستعار النبي ÷ فرسا لأبي طلحة يقال له «مندوب» فركبه وقال: «ما رأينا من فزع وإن وجدنا لبحرا». انظر (باب الركوب على الدابة الصعبة من كتاب «الجهاد»).
(٣) الريط: جمع ربطة وهي كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد، أو كل ثوب لين رقيق.
(٤) أي نزلت عليهم ضيفا.
(٥) في جميع النسخ: «أضللت». وفي «اللسان» ضللت المسجد والدار إذا لم تعرف موضعهما. قال أبو عمرو بن العلاء إذا لم تعرف المكان قلت ضللته وإذا سقط من يدك شيء قلت أضللته، أو بعبارة أخرى تقول للشيء الزائل عن موضعه قد أضللته وللشيء الثابت في موضعه إلا أنك لم تهتد إليه ضللته.
(٦) كذا في أغلب الأصول وفي ط «ثفله» والثّفل: ما سفل ورسب من كل شيء، ومن المحتمل أن يكون «وثقلته» - بفتح الثاء وسكون القاف وفتحها - وهي ما يجده الرجل في جوفه من ثقل الطعام.