كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب أمية بن أبي الصلت

صفحة 198 - الجزء 17

  كسرى يأمر وهرز أن يملَّك سيفا اليمن

  فكتب كسرى يأمره أن يملَّك سيفا، ويقدم وهرز إلى كسرى.

  فخلَّف على اليمن سيفا، فلما خلا سيف باليمن وملكها عدا على الحبشة، فجعل يقتل رجالها ويبقر نساءها عمّا في بطونها، حتى أفناها إلَّا بقايا منها / أهل ذلة وقلة، فاتّخذهم خولا، واتخذ منهم جمّازين⁣(⁣١) بحرابهم بين يديه.

  الحبشة يغتالون سيفا

  فمكث كذلك غير كثير، وركب يوما وتلك الحبشة معه، ومعهم حرابهم يسعون بها بين يديه، حتى إذا كان وسطا منهم مالوا عليه بحرابهم فطعنوه بها حتى قتلوه.

  وكان سيف قد آلى ألَّا يشرب الخمر، ولا يمسّ امرأة حتى يدرك ثأره من الحبشة، فجعلت له حلَّتان واسعتان فأتزر بواحدة، وارتدى الأخرى، وجلس على رأس غمدان يشرب، وبرّت يمينه. وخرج بعد ذلك يتصيّد فقتلته الحبشة.

  وكان ملك أرياط عشرين سنة، وملك أبرهة ثلاثا وعشرين سنة، وملك يكسوم تسع عشرة سنة، وملك مسروق اثنتي عشرة سنة، فهذه أربع وسبعون سنة.

  وكان قدوم أهل فارس اليمن مع وهرز بعد الفجار بعشر سنين، وقبل بنيان قريش البيت بخمس سنين، ورسول اللَّه ابن ثلاثين سنة أو نحوها؛ لأنّ رسول اللَّه ولد بعد قدوم الفيل بخمس وخمسين ليلة.

  وفود العرب تقدم على سيف لتهنئته بالنصر

  ونسخت خبر مديحه سيفا بهذا الشعر من كتاب عبد الأعلى بن حسان، قال: حدثنا الكلبيّ، عن أبي صالح؛ عن ابن عباس، وحدثني به محمد بن عمران المؤدّب بإسناد لست أحفظ الاتصال بينه وبين الكلبيّ فيه، فاعتمدت هذه الرواية، قال:

  لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة، وذلك بعد مولد النبي / بسنتين أتته وفود العرب وأشرافها لتهنّيه وتمدحه، وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه؛ فأتته وفود العرب من قريش، فيهم عبد المطلب بن هاشم، وأمية بن عبد شمس، وخويلد بن أسد، في ناس من وجوه قريش، فأتوه بصنعاء، وهو في رأس قصر له يقال له:

  غمدان، فأخبره الآذن بمكانهم، فأذن لهم، فدخلوا عليه وهو على شرابه، وعلى رأسه غلام واقف ينثر في مفرقه المسك، وعن يمينه ويساره الملوك والمقاول، وبين يديه أمية بن أبي الصلت الثقفيّ ينشده قوله فيه هذه الأبيات⁣(⁣٢):


(١) الجمازون: العداؤن بحرابهم أمام موكب الملك.

(٢) ديوانه ٥١، والطبري ١: ١٤٧، وابن هشام ١: ٦٩ وفيه: «وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي. قال ابن هشام: وتروى لأمية بن أبي الصلت».