نسب أمية بن أبي الصلت
  أمية يمدح سيفا والفرس
  لا يطلب الثأر إلَّا كابن ذي يزن(١) ... في البحر خيّم للأعداء أحوالا(٢)
  أتى هرقل وقد شالت نعامته ... فلم يجد عنده النّصر الذي سالا
  ثم انتحى نحو كسرى بعد عاشرة ... من السّنين يهين النفس والمالا(٣)
  حتى أتى(٤) ببني الأحرار يقدمهم ... تخالهم فوق متن الأرض أجبالا
  للَّه درّهم من فتية صبروا ... ما إن رأيت(٥) لهم في الناس أمثالا
  بيض مرازبة غلب أساورة ... أسد تربّت(٦) في الغيضات أشبالا
  / فالتط(٧) من المسك إذ شالت نعامتهم ... وأسبل اليوم في برديك إسبالا
  واشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا ... في رأس غمدان دارا منك محلالا
  تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
  بنو الأحرار الذين عناهم أمية في شعره هم الفرس الذين قدموا مع سيف بن ذي يزن، وهم إلى الآن يسمّون بني الأحرار بصنعاء، ويسمون باليمن الأبناء، وبالكوفة الأحامرة؛ وبالبصرة الأساورة، وبالجزيرة الخضارمة، وبالشام الجراجمة.
  عبد المطلب يهنئ سيفا، وسيف يرحب به وبمن معه
  فبدأ عبد المطلب فاستأذن في الكلام، فقال له سيف بن ذي يزن: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك، فقد أذنّا لك، فقال عبد المطلب: إنّ اللَّه قد أحلَّك أيّها الملك محلا رفيعا، صعبا منيعا، شامخا باذخا، وأنبتك منبتا طابت أرومته، وعزّت جرثومته، في أكرم موطن، وأطيب معدن؛ فأنت - أبيت اللعن - ملك العرب، وربيعها الذي به تخصب، وأنت أيّها الملك رأس العرب الذي له تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد، ومعقلها الذي إليه يلجأ العباد، فسلفك لنا خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلم يخمل من أنت خلفه، ولن يهلك من أنت سلفه نحن أهل حرم اللَّه وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذي أبهجنا؛ لكشفك الكرب الذي فدحنا، فنحن وفود التّهنية لا وفود المرزية.
  قال: وأيّهم أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب بن هاشم، قال: ابن أختنا؟ قال: نعم. فأدناه حتى أجلسه إلى جنبه، ثم أقبل على القوم / وعليه، فقال: مرحبا وأهلا، وناقة ورحلا، ومستناخا سهلا، وملكا ربحلا(٨)، يعطى عطاء جزلا، قد سمع الملك مقالتكم، وعرف قرابتكم، وقبل وسيلتكم، وأنتم أهل الشرف والنّباهة، ولكم الكرامة ما أقمتم، والحباء إذا ظعنتم.
(١) في الديوان: «ليطلب الثأر أمثال ابن ذي يزن». وفي ابن هشام: «ليطلب الوتر أمثال».
(٢) أ: «خيم في البحر للأحباب».
(٣) في الديوان: «من السنين لقد أبعدت إيغالا».
(٤) أ: «حتى انتحى».
(٥) في الديوان: ... من عصبة خرجوا ... ما إن ترى».
(٦) في الديوان: «غر جحاجحة بيض مرازبة ... تربب»، وفي ابن هشام: «أسدا تربب».
(٧) الديوان: «واطل بالمسك».
(٨) ربحلا: عظيم الشأن.