كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر الحطيئة ونسبه

صفحة 447 - الجزء 2

  خبره مع الزبرقان بن بدر وسبب هجائه إياه

  فأما خبره مع الزّبرقان بن بدر والسبب في هجائه إياه، فأخبرني به أبو خليفة عن محمد بن سلَّام ولم يتجاوزه به، وأخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن محمد بن سلَّام عن يونس، وأخبرني محمد بن الحسن بن دريد عن أبي حاتم عن أبي عبيدة، وأخبرني اليزيديّ عن عمّه عبيد اللَّه عن أبي حبيب⁣(⁣١) عن ابن الأعرابيّ وقد جمعت رواياتهم وضممت بعضها إلى بعض:

  أن النبيّ ÷ كان ولَّى الزّبرقان بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم عملا، وذكر / مثل ذلك الأصمعيّ، وقال: الزّبرقان: القمر، والزبرقان: الرجل الخفيف اللحية. قال:

  وأقرّه أبو بكر ¥ بعد النبيّ ÷ على عمله، ثم قدم على عمر في سنة مجدبة ليؤدّي صدقات قومه، فلقيه الحطيئة بقرقرى⁣(⁣٢) ومعه ابناه أوس وسوادة وبناته وامرأته؛ فقال له الزّبرقان وقد عرفه ولم يعرفه الحطيئة: أين تريد؟ قال: العراق، فقد حطمتنا هذه السنة؛ قال: وتصنع ماذا؟ قال وددت أن أصادف بها رجلا يكفيني مؤونة عيالي وأصفيه⁣(⁣٣) مدحي أبدا؛ فقال له الزبرقان: قد أصبته، فهل لك فيه يوسعك لبنا وتمرا ويجاورك أحسن جوار وأكرمه؟ فقال له الحطيئة: هذا وأبيك العيش، وما كنت أرجو هذا كلَّه؛ قال: فقد أصبته؛ قال: عند من؟ قال:

  عندي؛ قال: ومن أنت؟ قال: الزّبرقان بن بدر؛ قال وأين محلَّك؟ قال: اركب هذه الإبل، واستقبل مطلع الشمس، وسل عن القمر حتى تأتي منزلي. قال يونس: وكان اسم الزّبرقان الحصين بن بدر، وإنما سمّي الزّبرقان لحسنه، شبّه بالقمر. وقيل: بل لبس عمامة مزبرقة⁣(⁣٤) بالزّعفران فسمّي الزّبرقان لذلك. وقال أبو عبيدة في خبره: فقال له:

  سر إلى أم شذرة وهي أم الزّبرقان وهي أيضا عمة الفرزدق، وكتب إليها أن أحسني إليه، وأكثري له من التمر واللبن. وقال آخرون: بل وكله إلى زوجته. فلحق الحطيئة⁣(⁣٥) بزوجته على رواية ابن سلَّام، / وهي بنت صعصعة بن ناجية المجاشعيّة، واسمها هنيدة، وعلى رواية أبي عبيدة: أنها أمّه، وذلك في عام صعب مجدب، فأكرمته المرأة وأحسنت إليه؛ فبلغ ذلك بغيض بن عامر بن شمّاس بن لأي بن جعفر وهو أنف الناقة بن قريع بن عوف⁣(⁣٦) [بن كعب]⁣(⁣٧) بن سعد بن زيد مناة بن تميم، / وبلغ إخوته وبني عمه فاغتنموها. وفي خبر اليزيديّ عن عمه قال ابن حبيب عن ابن الأعرابيّ: وكانوا يغضبون من أنف الناقة، وإنما سمّي جعفر أنف الناقة لأن أباه قريعا نحر ناقة فقسمها بين نسائه، فبعثت جعفرا هذا أمّه، وهي الشّموس من وائل ثم من سعد هذيم، فأتى أباه ولم يبق من الناقة إلا رأسها وعنقها، فقال: شأنك بهذا؛ فأدخل يده في أنفها وجرّ ما أعطاه؛ فسمّي أنف الناقة. وكان ذلك كاللَّقب لهم حتى مدحهم الحطيئة، فقال:


(١) كذا في جميع النسخ ولعله: «ابن حبيب» وهو محمد بن حبيب المتقدّم ذكره كثيرا في «رجال السند» والذي ذكر ابن النديم في «الفهرست» صفحة ١٠٦ طبع ليبزج إنه يروى عن ابن الأعرابيّ وسيأتي في الصفحة التالية ذكر ابن حبيب هذا وأنه يروى عن ابن الأعرابيّ.

(٢) قرقري: أرض باليمامة فيها قرى وزروع ونخيل كثيرة. (انظر «معجم ياقوت» في قرقري).

(٣) أصفيه: أخلصه.

(٤) مزبرقة: مصبوغة. يقال: زبرق ثوبه إذا صبغه بحمرة أو صفرة.

(٥) في ح: «فرحل الحطيئة حتى لحق بزوجته».

(٦) في أ، ب، س: «عمرو» بدل «عوف». وهو تحريف.

(٧) زيادة في ط. ويؤيد صحة هذه الزيادة ما ورد في «شرح القاموس» للسيد مرتضى في مادة «أنف».