أخبار حاتم ونسبه
  بيفاع(١) وذاك منها محلّ ... فوق ملك يدين بالأحساب
  أيها الموعدي(٢) فإنّ لبوني ... بين حقل وبين هضب دباب(٣)
  حيث لا أرهب الجرأة(٤) وحولي ... ثعليّون(٥) كاللَّيوث الغضاب
  وقال حاتم أيضا(٦):
  لم تنسني إطلال ماويّة يأسي ... ولا الزمن الماضي الذي مثله ينسي
  إذا غربت شمس النهار وردتها ... كما يرد الظمآن آتية الخمس
  حاتم وماوية بنت عفزر
  قال: وكنا عند معاوية(٧)، فتذاكرنا ملوك العرب، حتى ذكرنا الزّباء(٨) وابنة عفزر، فقال معاوية: إني لأحب أن أسمع حديث ماوية وحاتم، وماوية بنت عفزر، فقال رجل من القوم: أفلا أحدثك يا أمير المؤمنين؟ فقال: بلى، فقال: إنّ ماوية بنت عفزر كانت ملكة، وكانت تتزوج من أرادت، وإنها بعثت غلمانا لها وأمرتهم أن يأتوها بأوسم من يجدونه بالحيرة، فجاؤها بحاتم، فقالت له: استقدم إلى الفراش، فقال: حتى أخبرك، وقعد على الباب، وقال: إني أنتظر صاحبين لي، فقالت: دونك أستدخل المجمر. فقال: استي(٩) لم تعوّد المجمر، فأرسلها مثلا.
  فارتابت منه، وسقته خمرا ليسكر، فجعل يهريقه بالباب فلا تراه تحت الليل، ثم قال: ما أنا بذائق قرى ولا قارّ حتى أنظر ما فعل صاحباي. فقالت: إنّا سنرسل إليهما بقرّي، فقال حاتم: ليس بنافعي شيئا أو آتيهما. قال: فأتاهما، فقال: أفتكونان عبدين لابنة عفزر، ترعيان غنمها أحبّ إليكما أم تقتلكما(١٠)؟ فقالا: كلّ شيء يشبه بعضه بعضا، وبعض الشّرّ أهون من بعض، فقال حاتم: الرحيل والنجاة. وقال يذكر ابنة عفزر، وأنه ليس بصاحب ريبة(١١):
  حننت إلى الأجبال أجبال طيئ ... وحنّت قلوصي(١٢) أن رأت سوط أحمرا
  فقلت لها: إنّ الطريق أمامنا ... وإنا لمحيو(١٣) ربعنا إن تيسّرا
  / فيا راكبي عليا جديلة إنما ... تسامان ضيما مستبينا فتنظرا(١٤)
(١) أ، ج: «ببقاع»، وفي ب: «لبقاع» والمثبت من ف والديوان.
(٢) ب، س: «إنها موعدي» والمثبت من أ، ف والديوان.
(٣) كذا في ف، وهو جبل لبني ثعل، وفي أ، ب، ج: «ضياب».
(٤) كذا في أ، ف، والديوان. وفي ج: «الخرارة حولي»؛ وفي ب: «الجراءة حولي».
(٥) أ، ف: «ثعلبيون»، والمثبت في الديوان أيضا.
(٦) ديوانه ١٦.
(٧) ديوانه ٣٣.
(٨) في الديوان: «الزباء ابنة عفزر».
(٩) ج، ف والديوان: «است».
(١٠) ف: أو لتقتلنكما.
(١١) ديوانه ٣٤، وفيه: «وابنة عفزر، كانت بالحيرة، وكان النعمان من يأتيه يريد كرامته أنزله عليها فقال:».
(١٢) في الديوان: «حنت ... وجنت جنونا».
(١٣) في الديوان: ... وإنا محيو ربعنا».
(١٤) في الديوان: «فيا أخوينا من جديلة ...»، وفي ف: «ضيما مستعينا فبكَّرا».