أخبار حاتم ونسبه
  ومعتسف بالرّمح دون صحابه ... تعسّفته بالسّيف والقوم شهّد(١)
  فخرّ على حرّ الجبين وذاده ... إلى الموت مطرور الوقيعة(٢) مذود(٢)
  فما رمته(٣) حتى أزحت عويصه ... وحتى علاه حالك اللَّون أسود
  فأقسمت لا أمشي على سرّ جارتي(٤) ... يد الدّهر ما دام الحمام يغرّد
  ولا أشتري مالا بغدر علمته ... ألا كلّ مال خالط الغدر أنكد
  إذا كان بعض المال ربّا لأهله ... فإنّي بحمد اللَّه مالي معبّد
  يفكّ به العاني ويؤكل طيّبا ... ويعطى إذا ضنّ البخيل المصرّد(٥)
  إذا ما البخيل الخبّ أخمد ناره ... أقول لمن يصلى بناري: أو قدوا
  توسّع قليلا أو يكن ثمّ حسبنا ... وموقدها البادي أعفّ وأحمد(٦)
  كذاك أمور الناس راض دنيّة ... وسام إلى فرع العلا متورّد
  فمنهم جواد قد تلفّت حوله ... ومنهم لئيم دائم(٧) الطرف أقود
  / وداع دعاني دعوة فأجبته ... وهل يدع الدّاعين إلا اليلندد(٨)
  حاتم ونساء من عنترة
  أسرت(٩) عنزة حاتما، فجعل نساء عنزة يدارئن(١٠) بعيرا ليفصدنه فضعفن عنه، فقلن: يا حاتم، أفاصده أنت إن أطلقنا(١١) يديك؟ قال: نعم. فأطلقن إحدى يديه، فوجأ لبّته فاستدمينه(١٢). ثم إنّ البعير عضد، أي لوى عنقه، أي خرّ، فقلن: ما صنعت؟ قال: هكذا فصادتي، فجرت مثلا. قال: فلطمته إحداهنّ، فقال: ما أنتنّ نساء عنزة بكرام، ولا ذوات أحلام. وإن امرأة منهن يقال لها: عاجزة أعجبت به، فأطلقته؛ ولم ينقموا عليه ما فعل، فقال حاتم يذكر البعير الذي فصده(١٣):
  كذلك فصدي إن سألت مطيّتي ... دم الجوف إذ كلّ الفصاد وخيم(١٤)
(١) في الديوان: «من دون صحبه ... والقوم هجد». وفي المختار:
تعسفته والسيف والقوم شهد
(٢) ذاده: دفعه. ومطرور الوقيعة: السيف. وفي أ، ب، ج: «مزود».
(٣) أ: «فما رحته».
(٤) في الديوان: «وأقسمت ... إلى سر جارتي».
(٥) كذا في الديوان، وفي أ: «إذا منّ». والتصريد: التقليل.
(٦) الديوان: «أعف وأنجد».
(٧) رواية الديوان:
فإن الجواد من تلفت حوله ... وإن البخيل ناكس الطرف أقود
(٨) ف: «إلا التلدد»، واليلتدد: الخصم الشحيح الذي لا ينقاد.
(٩) ديوانه ٥٢.
(١٠) ف: «يدرن».
(١١) ف: «إن أطلقنا إحدى يديك».
(١٢) أ: «فاستدمي منه»، وفي ف: «فاستدمين منه».
(١٣) ديوانه ٥٣.
(١٤) في ف: «دم الحوارك والفصاد وخيم» ولا يستقيم معه الوزن.