كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حاتم ونسبه

صفحة 250 - الجزء 17

  جوده وهو غلام

  أقبل ركب من بني أسد ومن قيس يريدون النعمان، فلقوا حاتما، فقالوا له: إنّا تركنا قومنا يثنون عليك خيرا، وقد أرسلوا إليك رسولا برسالة. قال: وما هي؟ فأنشده الأسديّون شعرا لعبيد ولبشر يمدحانه، وأنشد القيسيّون شعرا للنابغة، فلما أنشدوه قالوا: إنا نستحي أن نسألك شيئا، وإن لنا لحاجة، قال: وما هي؟ قالوا: صاحب لنا قد أرجل⁣(⁣١)، فقال حاتم: خذوا / فرسي هذه فاحملوا عليها صاحبكم. فأخذوها وربطت الجارية فلوها⁣(⁣٢) بثوبها، فأفلت، فاتّبعته الجارية، فقال حاتم: ما تبعكم⁣(⁣٣) من شيء فهو لكم، فذهبوا بالفرس والفلو والجارية.

  وإنهم / وردوا على أبي حاتم، فعرف الفرس والفلو، فقال: ما هذا معكم؟ فقالوا: مررنا بغلام كريم فسألناه، فأعطى الجسيم.

  رواية أخرى في خبر أبي الخيبري

  قال: وكنا عند معاوية فتذاكرنا الجود، فقال رجل من القوم: أجود الناس حيّا وميتا حاتم، فقال معاوية:

  وكيف ذلك؛ فإن الرجل من قريش ليعطى في المجلس ما لم يملكه حاتم قطَّ ولا قومه، فقال: أخبرك يا أمير المؤمنين، أنّ نفرا من بني أسد مرّوا بقبر حاتم، فقالوا: لنبخّلنّه ولنخبرنّ العرب أنّا نزلنا بحاتم، فلم يقرنا، فجعلوا ينادون: يا حاتم ألا تقري أضيافك! وكان رئيس القوم رجل يقال له: أبا الخيبريّ، فإذا هو بصوت ينادي في جوف الليل:

  أبا خيبريّ وأنت امرؤ ... ظلوم العشيرة شتّامها⁣(⁣٤)

  إلى آخرها، فذهبوا ينظرون؛ فإذا ناقة أحدهم تكوس⁣(⁣٥) على ثلاثة أرجل عقيرا. قال: فعجب القوم من ذلك جميعا.

  حاتم وأوس بن سعد

  وكان أوس بن سعد قال للنعمان بن المنذر: أنا أدخلك بين جبلي طيّئ حتى يدين لك أهلهما، فبلغ ذلك حاتما، فقال⁣(⁣٦):

  ولقد بغى بخلاد أوس قومه ... ذلَّا وقد علمت بذلك سنبس⁣(⁣٧)

  / حاشا بني عمرو بن سنبس إنهم ... منعوا ذمار أبيهم أن يدنسوا⁣(⁣٨)

  وتواعدوا ورد القريّة غدوة ... وحلفت باللَّه العزيز لنحبس⁣(⁣٩)


(١) أرجل، أي ليس له ما يركبه، فهو راجل.

(٢) الفلو: المهر الذي فطم.

(٣) ف: «ما بلغكم».

(٤) ديوانه ١١، وفيه: «حسود العشيرة».

(٥) تكوس: تمشي على ثلاث قوائم.

(٦) ديوانه ٤٩.

(٧) خلاد: أرض في بلاد طيئ عند الجيلين لبني سنبس، وسنبس هي من طيئ.

(٨) ف: «لا يدنس».

(٩) الديوان: «ليحس».