خبر الحطيئة ونسبه
  فحينئذ قال الحطيئة يهجو الزّبرقان ويناضل عن بغيض قصيدته التي يقول فيها:
  واللَّه ما معشر لاموا امرأ جنبا ... في آل لأي بن شمّاس بأكياس
  ما كان ذنب بغيض لا أبا لكم ... في بائس جاء يحدو آخر الناس
  لقد مريتكم(١) لو أن درّتكم(٢) ... يوما يجيء بها مسحي وإبساسي
  وقد مدحتكم عمدا لأرشدكم ... كيما يكون لكم متحي وإمراسي
  لما بدا لي منكم غيب(٣) أنفسكم ... ولم يكن لجراحي فيكم آسي
  أزمعت يأسا مبينا(٤) من نوالكم ... ولن يرى(٥) طاردا للحرّ كالياس
  / جار لقوم أطالوا هون منزله ... وغادروه مقيما بين أرماس
  / ملَّوا قراه وهرّته كلابهم ... وجرّحوه بأنياب وأضراس
  دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
  من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين اللَّه والناس
  ما كان ذنبي أن فلَّت معاولكم ... من آل لأي صفاة أصلها رأسي
  قد ناضلوك فسلَّوا من كنائنهم ... مجدا تليدا ونبلا غير أنكاس(٦)
  - الجنب: الغريب. والإبساس: أن يسكَّنها عند الحلب. والماتح: المستقي الذي يجذب الدلو من فوق.
  والإمراس: أن يقع الحبل في جانب البكرة فيخرجه -.
  استعدى الزبرقان عليه عمر فحبسه
  فاستعدى عليه الزبرقان عمر بن الخطاب، فرفعه عمر إليه واستنشده فأنشده؛ فقال عمر لحسّان: أتراه هجاه؟
  قال: نعم وسلح عليه، فحبسه عمر:
  فصل زياد في حادثة قدمت له بنحو ما فصل عمر في أمر الزبرقان والحطيئة
  أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ وحبيب بن نصر المهلَّبيّ قالا حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني أحمد بن معاوية عن أبي عبد الرحمن الطائيّ عن عبد اللَّه بن عيّاش عن الشّعبيّ قال:
  شهدت زيادا وأتاه عامر بن مسعود بأبي علاثة التّيميّ، فقال: إنه هجاني؛ قال: وما قال لك؟ قال قال:
(١) مريتكم من مري الناقة يمريها أي مسح ضرعها. والمراد مداراتهم ومدحهم ليدرّوا عليه بالعطاء.
(٢) الدرّة: اللبن.
(٣) كذا في ط وفي باقي الأصول «عيب» بالعين المهملة.
(٤) كذا في ح، م و «الديوان»، وفي ب س: «متينا».
(٥) في ط: «ولن ترى طاردا».
(٦) أنكاس: جمع نكس وهو أضعف السهام. وقد أورد الأزهريّ هذا البيت في «اللسان مادة نكس ثم قال: ومعنى البيت أن العرب كانوا إذا أسروا أسيرا خيروه بين التخلية وجز الناصية، والأسر فإن اختار جز الناصية جزوّها وخلوا سبيله ثم جعلوا ذلك الشعر في كنائنهم، فإذا افتخروا أخرجوه وأروهم مفاخرهم (انظر» اللسان «مادة نكس).