كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر ذي الرمة وخبره

صفحة 263 - الجزء 18

  ذو الرمة. وكان دميما شختا⁣(⁣١) أجنأ فقالت أمه: استمعوا إلى شعره، ولا تنظروا إلى وجهه.

  قال هارون: وأخبرني يعقوب بن السكَّيت، عن أبي عدنان، قال: أخبرني أسيد الغنويّ، قال:

  / سمعت بباديتنا من قوم هضبوا في الحديث⁣(⁣٢) أنّ ذا الرّمّة كان ترعيّة⁣(⁣٣)، وكان كناز اللحم مربوعا قصيرا، وكان أنفه ليس بالحسن.

  الفرزدق وجرير يحسدانه

  أخبرني ابن عمّار، عن سليمان بن أبي⁣(⁣٤) شيخ، عن أبيه، عن صالح بن سليمان قال:

  كان الفرزدق وجرير يحسدان ذا الرمّة، وأهل البادية يعجبهم شعره.

  كان صالح بن سليمان راوية لشعره

  قال: وكان صالح بن سليمان راوية لشعر ذي الرمّة، فأنشد يوما قصيدة له، وأعرابيّ من بني عديّ يسمع، فقال: أشهد عنّك - أي أنّك - لفقيه تحسن ما تتلوه⁣(⁣٥)، وكان يحسبه قرآنا.

  إعجاب الكميت بشعره

  نسخت من كتاب محمد بن داود: وحدثني هارون بن الزيات، عن محمد بن صالح العدويّ، قال: قال حمّاد الراوية:

  قال الكميت حين سمع قول ذي الرمة⁣(⁣٦):

  أعاذل قد أكثرت من قول قائل ... وعيب على ذي الودّ⁣(⁣٧) لوم العواذل

  / هذا واللَّه ملهم، وما علم بدويّ بدقائق⁣(⁣٨) الفطنة وذخائر كنز العقل المعدّ لذوي الألباب! أحسن ثم أحسن.

  قال محمد بن صالح: وحدثني محمد بن كناسة بذلك عن الكميت، وقال:

  / لما أنشده قوله في هذه القصيدة⁣(⁣٩):

  دعاني وما داعي الهوى من بلادها ... إذا ما نأت خرقاء عنّي بغافل

  فقال الكميت: للَّه بلاد هذا الغلام! ما أحسن قوله! وما أجود وصفه! ولقد شفع⁣(⁣١٠) البيت الأول بمثله في


(١) أ: «وكان ذميما شيخا». والشخت: الدقيق الضامر خلقة لا هزالا.

(٢) هضب الرجل في الحديث: أفاض. وفي ح: «هضبوا الحديث».

(٣) رجل ترعية بالتشديد، وقد يخفف: يجيد رعية الإبل.

(٤) ف: «أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار، عن أحمد بن سليمان بن أبي شيخ».

(٥) ف: «ما تلوته».

(٦) «ديوانه» ٥٠٠.

(٧) في «الديوان»: «وعيب على ذي اللب».

(٨) ف: «بدقائق فهم الفطنة».

(٩) «ديوانه» ٤٩٢.

(١٠) ج: «شيع».