ذكر ذي الرمة وخبره
  ذو الرمة. وكان دميما شختا(١) أجنأ فقالت أمه: استمعوا إلى شعره، ولا تنظروا إلى وجهه.
  قال هارون: وأخبرني يعقوب بن السكَّيت، عن أبي عدنان، قال: أخبرني أسيد الغنويّ، قال:
  / سمعت بباديتنا من قوم هضبوا في الحديث(٢) أنّ ذا الرّمّة كان ترعيّة(٣)، وكان كناز اللحم مربوعا قصيرا، وكان أنفه ليس بالحسن.
  الفرزدق وجرير يحسدانه
  أخبرني ابن عمّار، عن سليمان بن أبي(٤) شيخ، عن أبيه، عن صالح بن سليمان قال:
  كان الفرزدق وجرير يحسدان ذا الرمّة، وأهل البادية يعجبهم شعره.
  كان صالح بن سليمان راوية لشعره
  قال: وكان صالح بن سليمان راوية لشعر ذي الرمّة، فأنشد يوما قصيدة له، وأعرابيّ من بني عديّ يسمع، فقال: أشهد عنّك - أي أنّك - لفقيه تحسن ما تتلوه(٥)، وكان يحسبه قرآنا.
  إعجاب الكميت بشعره
  نسخت من كتاب محمد بن داود: وحدثني هارون بن الزيات، عن محمد بن صالح العدويّ، قال: قال حمّاد الراوية:
  قال الكميت حين سمع قول ذي الرمة(٦):
  أعاذل قد أكثرت من قول قائل ... وعيب على ذي الودّ(٧) لوم العواذل
  / هذا واللَّه ملهم، وما علم بدويّ بدقائق(٨) الفطنة وذخائر كنز العقل المعدّ لذوي الألباب! أحسن ثم أحسن.
  قال محمد بن صالح: وحدثني محمد بن كناسة بذلك عن الكميت، وقال:
  / لما أنشده قوله في هذه القصيدة(٩):
  دعاني وما داعي الهوى من بلادها ... إذا ما نأت خرقاء عنّي بغافل
  فقال الكميت: للَّه بلاد هذا الغلام! ما أحسن قوله! وما أجود وصفه! ولقد شفع(١٠) البيت الأول بمثله في
(١) أ: «وكان ذميما شيخا». والشخت: الدقيق الضامر خلقة لا هزالا.
(٢) هضب الرجل في الحديث: أفاض. وفي ح: «هضبوا الحديث».
(٣) رجل ترعية بالتشديد، وقد يخفف: يجيد رعية الإبل.
(٤) ف: «أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار، عن أحمد بن سليمان بن أبي شيخ».
(٥) ف: «ما تلوته».
(٦) «ديوانه» ٥٠٠.
(٧) في «الديوان»: «وعيب على ذي اللب».
(٨) ف: «بدقائق فهم الفطنة».
(٩) «ديوانه» ٤٩٢.
(١٠) ج: «شيع».