خبر الحطيئة ونسبه
  استعطف عمر بشعر فأطلقه
  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة: أن الحطيئة لما حبسه عمر قال وهو أوّل ما قاله:
  أعوذ بجدّك إنّي امرؤ ... سقتني الأعادي إليك السّجالا
  فإنك خير من الزبرقان ... أشدّ نكالا وأرجى نوالا
  تحنّن عليّ هداك المليك ... فإنّ لكلّ مقام مقالا
  ولا تأخذنّي بقول الوشاة ... فإن لكلّ زمان رجالا
  فإن كان ما زعموا صادقا ... فسيقت إليك نسائي رجالا(١)
  حواسر لا يشتكين الوجا(٢) ... يخفّضن آلا ويرفعن آلا
  فلم يلتفت عمر إليه حتى قال أبياته التي أوّلها:
  ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ(٣)
  / أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء ومحمد بن العبّاس اليزيديّ وعمر بن عبد العزيز بن أحمد وطاهر بن عبد اللَّه الهشاميّ(٤) قالوا حدّثنا الزّبير بن بكَّار قال حدّثني محمد بن الضحّاك بن عثمان الحزاميّ قال حدّثني عبد اللَّه بن مصعب عن ربيعة بن عثمان عن زيد(٥) بن أسلم عن أبيه قال:
  أرسل عمر إلى الحطيئة وأنا جالس عنده وقد كلمه فيه عمرو بن العاص وغيره فأخرجه من السجن فأنشده قوله:
  ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ(٦) ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
  ألقيت(٧) كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك(٨) سلام اللَّه يا عمر
  أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ... ألقي إليك مقاليد النّهي البشر
  لم يؤثروك بها إذ قدّموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بك الأثر
  فامنن على صبية بالرمل مسكنهم ... بين الأباطح تغشاهم بها القرر(٩)
(١) رجالا: جمع رجلة (بفتح الراء وضم الجيم). أي راجلة.
(٢) الوجا: الحفا وقيل شدته.
(٣) في ط: «بذي أمر».
(٤) في ط: «الهاشمي».
(٥) كذا في ط. وفي سائر النسخ: «يزيد» وقد أورد في «الخلاصة في أسماء الرجال» زيد بن أسلم هذا وقال: أنه يروي عن أبيه وأنه مولى لعمر بن الخطاب. وفي سائر النسخ: «يزيد بن أسلم» ولم نجده في «كتب التراجم».
(٦) في ط: «بذي أمر».
(٧) في ط: «غادرت».
(٨) في ط: «فاغفر هداك عليك الناس».
(٩) القرر: جمع قرّة بالكسر وهي البرد.