كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر الحطيئة ونسبه

صفحة 457 - الجزء 2

  قال: فركب الزّبرقان إلى عمر ¥ فاستعداه على عبد اللَّه وقال: إنه هجاني يا أمير المؤمنين؛ فسأل عمر عن ذلك عبد اللَّه؛ فقال له: يا أمير المؤمنين، إني نزلت على مائه فحّلأني عنه؛ فقال عمر رضوان اللَّه عليه:

  يا زبرقان، أتمنع ماءك من ابن السبيل! قال: يا أمير المؤمنين ألا أمنع ماء حفر آبائي مجاريه ومستقره وحفرته أنا بيدي! فقال عمر: والذي نفسي بيده، لئن بلغني أنك منعت ماءك من أبناء السبيل لا ساكنتني بنجد أبدا! فقال بعض بني أنف الناقة يعيّر الزّبرقان ما فعله:

  أتدري من منعت ورود حوض ... سليل خضارم منعوا البطاحا

  أزاد الركب⁣(⁣١) تمنع أم هشاما ... وذا الرّمحين⁣(⁣٢) أمنعهم سلاحا

  / هم منعوا الأباطح دون فهر ... ومن بالخيف والبدن اللَّقاحا

  بضرب دون بيضتهم⁣(⁣٣) طلخف⁣(⁣٤) ... إذ الملهوف لاذ بهم وصاحا

  وما تدري بأيّهم تلاقي ... صدور المشرفيّة والرّماحا

  وصيته عند موته بالشعراء والفقراء والأيتام

  وللحطيئة وصية ظريفة يأتي كلّ فريق من الرواة ببعضها، وقد جمعت ما وقع إليّ منها في موضع واحد وصدّرت بأسانيدها.

  أخبرني بها محمد بن العباس اليزيديّ قال حدّثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال حدّثنا عيينة⁣(⁣٥) بن المنهال عن الأصمعيّ، وأخبرني بها أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ قال حدّثنا عمر بن شبّة، وأخبرني إبراهيم بن أيّوب عن ابن قتيبة، ونسختها من كتاب محمد بن الليث عن محمد بن عبد اللَّه العبديّ عن الهيثم بن عديّ عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن [ابن أبي عمرة]⁣(⁣٦) عن أبيه، وأخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن أبي عبيدة، وأخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا أبو غسّان دماذ عن أبي عبيدة قالوا:

  لما حضرت الحطيئة الوفاة اجتمع إليه قومه فقالوا: يا أبا ملكية: أوص فقال: ويل للشّعر من راوية السوء؛ قالوا: أوص رحمك اللَّه يا حطئ؛ قال: من الذي يقول:

  إذا أنبض⁣(⁣٧) الرامون عنها ترنّمت ... ترنّم ثكلى أو جعتها الجنائز؟

  / قالوا: الشّمّاخ؛ قال: أبلغوا غطفان أنه أشعر العرب؛ قالوا: ويحك! أهذه وصيّة! أوص بما / ينفعك! قال:


(١) زاد الركب: لقب أبي أميّة بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم، وهو عمّ عبد اللَّه بن أبي ربيعة. والملقبون بزاد الركب ثلاثة من قريش هذا أحدهم، والثاني مسافر بن أبي عمرو بن أمية، والثالث زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسيد بن عبد العزى. وإنما قيل لهم أزواد الركب لأنهم كانوا إذا سافروا يطعمون كل أحد يكون معهم ويكفونه الزاد.

(٢) ذو الرمحين هو أبو ربيعة بن المغيرة والد عبد اللَّه بن أبي ربيعة.

(٣) بيضتهم: حوزتهم وساحتهم.

(٤) طلخف: شديد.

(٥) في ط: «عتيبة بن المنهال».

(٦) زيادة في أ، م، ح، ء، ط.

(٧) أنبض القوس وأنضبها: جذب وترها لنصوّت.